[الباب الرابع: الحقيقة والمجاز]
[الباب الرابع: الحقيقة والمجاز]
  (الباب الرابع): من أبواب الكتاب (في الحقيقة والمجاز) أي: في بيان لفظيهما ومعنييهما لغة واصطلاحاً.
  أما لفظ الحقيقة فوزنها: «فعيلة»، وهي مشتقة من الحق. والحق لغة: الثبوت، قال الله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}[الزمر ٧١]، أي: ثبتت. ومن أسمائه تعالى «الحق»؛ لأنه الثابت.
  وأما معناها لغة فهي إما بمعنى «فاعل»؛ لأن «فعيلا» قد يكون بمعناه، كـ «سميع» بمعنى «سامع»، فمعناها: الثابتة، من قولهم: حقَّ، إذا ثبت، وهي ثابتة فيما وضعت له.
  وإما بمعنى: «مفعول»؛ لأن «فعيلا» - أيضًا - قد يكون بمعناه، كـ «قتيل» بمعنى «مقتول(١)». ومعناها حينئذ: المثبتة، من حققت الشيء، إذا أثبته، وهي كذلك، أي: مثبتة في محلها الأصلي. فهذا هو معناها لغة. فهي بهذا الاعتبار صفة(٢).
  وأما معناها اصطلاحا فقد بَيَّنَهُ المصنف بقوله: (الحقيقة: هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح التخاطب) فـ «الكلمة»: جنس الحد؛ لأنها تشمل الحقيقة وغيرها. ولم يقل: اللفظ؛ لأن اللفظ جنس بعيد؛ من حيث شموله للمهمل وغيره، بخلاف «الكلمة»، فهي جنس قريب؛ لخروج المهمل منها؛ إذ لا يسمى كلمة. وقوله: «المستعملة» احتراز عن الكلمة التي لم
(١) واعلم أن فعيلاً إذا كان بمعنى الفاعل فإنه يفرق بين مذكرة ومؤنثه بالتاء، فتقول: مررت برجل عليم، وامرأة عليمة، وكريم، وكريمة. وإن كان بمعنى المفعول فيشترك فيه المذكر والمؤنث، فتقول: مررت برجل قتيل، وامرأة قتيل، ويستثنى من ذلك ما إذا سمي به أو استعمل استعمال الأسماء، كما إذا استعمل بدون الموصوف، كقوله تعالى: {والنطيحة}، أي: والبهيمة النطيحة - فإنه لا بد من التاء للفرق. فالحقيقة إن كان بمعنى الفاعل فتاؤه على الأصل، وإن كان بمعنى المفعول فهي إنما دخلت للانتقال. روض حافل.
(٢) أي: تدل على ذات باعتبار معنى هو المقصود.