[النهي]
  ومنهم من قال: الشيء المعين إذا أمر به كان ذلك الأمر نفس النهي عن ضده، مثلا إذا قال: «تحرك» فإن ذلك بعينه نهيٌ عن السكون؛ لأن فعل الحركة هو عين ترك السكون.
  قيل: وهذا الخلاف يعود إلى الفعل المأمور به، هل يسمى تركا لضده(١)؟ أو يسمى طلبه نهيا عن ضده(٢)؟ فحينئذ يكون لفظيا، والله أعلم.
  (ولا العكس)، وهو: أن النهي عن الشيء ليس أمرا بضده. والخلاف فيه كالأول.
[النهي]
  (فصل: والنهي: قول القائل لغيره: «لا تفعل»(٣)) أو نحوه (على جهة الاستعلاء، كارها) ذلك القائل (لما تناوله النهي). وهذه القيود كلها قد عرفت في حد الأمر، فلا حاجة إلى إعادتها. ونحو «لا تفعل»: «حرمت عليك»، و «نهيتك»، ونحو ذلك.
(١) فإذا سمي بذلك فلا يكون الأمر بالشيء نهياً عن ضده.
(٢) وإذا سمي بذلك كان الأمر بالشيء نهياً عن ضده.
(*) وطريق ثبوت التسمية النقل لغة، ولم يثبت، وعلى تقدير ثبوته يكون حاصله أن الأمر بالشيء له عبارة أخرى كالاحجبة، مثل أنت وابن أخت خالتك، وذلك يشبه اللعب، ولا ينبغي أن تشحن به الكتب العلمية، وتشغل به. قسطاس.
(٣) وقوله: «لا تفعل» خرج به الأمر، ودخل النهي. وقوله: «على جهة الاستعلاء» ليخرج الدعاء، نحو: اللهم لا تعذبني، ولا تغفر لفلان، فإنه ليس بنهي. وقوله: «كارهاً لما يتناوله» ليخرج التهديد، نحو أن يأمر عبده أن يفعل كذا فيتثاقل فيقول له: «لا تفعل ما أمرتك به» متوعداً له بالعقوبة، فإن ذلك تهديد له لا نهي. واعلم أن النهي حقيقة في الصيغة، مجاز في غيرها مما كان بمعناها. ومعاني النهي ثمانية، وقد جمعها السيد سراج الدين أبو بكر بن أبي القاسم الأهدل فقال:
وصيغة النهي اطلاقاتها حصرت ... في ضعف أربعة تأتي من العدد
وتلك حظر ويأس والدعاء كذا ... كراهة ثم تحقير فلا تحد
ثم البيان وإرشاد وتسلية ... والحصر ¿ فاستفد
وأما معاني الأمر فقد عدها ابن الإمام في الغاية ستة عشر، وقد جمعها السيد محمد الأمير | في قوله:
رشا أباح دمي وأوجب فتنتي ... وطوى لي التهديد في إنذاره
وامتن بالإكرام وهو يهينني ... فإذا ندبت فقل قتيل عذاره
أعجزت قلبي أنت محتقراً له ... سويت وقتي ليله بنهاره
صيرتني مثلاً يسخر بي العدا ... بلغ العدو مناه في مضماره
فلأدعون أقول: يا من أمره ... كن لا تعذب من صليت بناره