الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[المفهوم]

صفحة 262 - الجزء 1

[المفهوم]

  (فصل: والمفهوم) حقيقته: (ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق) بأن يكون حكما لغير المذكور، وحالا من أحواله. (وهو نوعان): مفهوم موافقة، ومفهوم مخالفة.

  النوع (الأول: متفق عليه، ويسمى مفهوم الموافقة، ( وهو أن يكون ) المفهوم من اللفظ، أي: ( المسكوت عنه موافقا للمنطوق به في الحكم ) المذكور، ( فإن كان فيه ) أي: في المسكوت عنه ( معنى الأولى (⁣١)) أي: ثبوت الحكم في المسكوت عنه أَولى من ثبوته في المنطوق به ( فهو ) المسمى في الاصطلاح: ( فحوى الخطاب، نحو قوله تعالى: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ}⁣[الإسراء ٢٣]، فإنه يدل على ) ثبوت الحكم، وهو ( تحريم الضرب بطريق الأَولى) فإنه يُعلم من تحريم التأفف المنطوق به أن تحريم الضرب المفهوم منه أَولى؛ إذ الأذية فيه أبلغ، والمقصود المنع منها. وهما متفقان في الحكم، وهو إثبات التحريم.

  ومن ذلك قوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}⁣[الزلزلة ٧]، فإنه يعلم منه ثبوت الحكم - وهو الجزاء - في المسكوت عنه - وهو ما فوق المثقال - بطريق الأَولى؛ لأنه إذا ثبت الجزاء - المكنى عنه بالرؤية - في المثقال فما فوقه أَولى وأحرى!

  (وإن لم يكن فيه) أي: في المسكوت عنه (معنى الأَولى ⁣(⁣٢)) بأن يكون


= تكون على هذا الطريق، وإليه أشار سيبويه في كتابه حيث وقع الرجاء في القرآن بلعل وعسى، ونحو ذلك مما يستحيل في حقه تعالى: أن ذلك نزل مراعاة للغتهم. من خط العلامة عبدالرحمن الحيمي ¦ وقد ذكر نظير هذا ابن أبي شريف في حاشيته على الجمع في باب العموم في الصورة النادرة وغير المقصودة. يقال مرادهم أنه غير مقصود بالذات بل تبعاً.

(١) ومنه قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}⁣[آل عمران ٧٥]، يعلم منه تأدية ما دون القنطار، وقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}⁣[آل عمران ٧٥]، يعلم منه عدم تأدية ما فوق الدينار. ويعرف بأنه أشد مناسبة في المسكوت عنه منه في المذكور، ومن ثَمَّ قال أصحابنا: هو قياس جلي.

(٢) وما ذكر من تسمية الأولى بفحوى الخطاب، والمساوي بلحن الخطاب - مذهب كثير من العلماء، وكثير منهم يسمون كل واحد من القسمين بكل واحد من الاسمين، ومنهم من يسمى الأولى بهما =