[العكس المستوي]
  والصحيح: أن المعتبر في تحقق التناقض: هو وحدة النسبة الحكمية، حتى يرد الإيجاب والسلب على شيء واحد، على ما هو مقرر في كتب المنطق، والله أعلم.
[العكس المستوي]
  (وأما العكس المستوي) اعلم أن العكس يطلق على المعنى المصدري - أي: تبديل طرفي القضية - وعلى القضية الحاصلة بالتبديل، كما يقال - مثلا -: «عكس الموجبة الكلية(١) موجبةٌ جزئيةٌ»، فتسمى الموجبة الجزئية: عكسًا.
  والمراد هنا: هو المعنى الأول؛ فحينئذ حقيقته: (تحويل جزأي الجملة) أي: طرفيها، بأن يجعل الجزء الأول ثانيًا، والثاني أوَّلًا، (على وجه يصدق)؛ أي: لو كان الأصل صادقًا(٢) كان العكس مثله؛ لأن العكس لازم للقضية، وإذا صدق الملزوم صدق اللازم، فحينئذ لا بد من بقاء الصدق.
  وكذلك لا بُدَّ - أيضًا - من بقاء الكيف(٣)، أي: إذا كان الأصل موجبًا(٤) كان العكس مثله، وإن كان سالبًا(٥) كان مثله. فلا يكون الموجب عكسًا للسالب، والعكس؛ لما تقدم في اشتراط بقاء الصدق. فينعكس قولنا: «كل إنسان حيوان» إلى: «بعض الحيوان إنسان» كما هو مقرر(٦) في موضعه. فهذه حقيقة العكس المستوي.
(١) وأما السالبة: فإن كانت سالبة كلية فكنفسها، يعني: سالبة كلية؛ لأنه إذا صدق سلب المحمول عن كل فرد من أفراد الموضوع صدقَ سلب الموضوع عن كل فرد من أفراد المحمول، إذ لو ثبت الموضوع لفرد من أفراد المحمول حصلت الملاقاة بين الموضوع والمحمول في ذلك الفرد، والملاقاة تصحح الموجبة الجزئية من الطرفين، وصدقها من الطرفين ينافي السالبة الكلية من أحدهما، فينعكس: «لا شيء من الإنسان بفرس» إلى: «لا شيء من الفرس بإنسان». ولا عكس للجزئية السالبة؛ إذ لو صح لصدق كلما صدق الأصل، وليس كذلك؛ فإنها تصدق السالبة الجزئية في قضية موضوعها أعم مطلقا من محمولهما ولا يصدق عكسها، وإن صدق في قضية بين موضوعها ومحمولها تباين كلي أو عموم من وجه. شرح غاية.
(٢) إذ قد يكذب في نفس الأمر هو وأصله، نحو: «كل إنسان فرس»، عكسه: «بعض الفرس إنسان»، وهما كاذبتان، لكن لو صدق الأصل صدق. ح.
(٣) أي: الإيجاب والسلب.
(٤) نحو: «كل إنسان حيوان».
(٥) «لا شيء من الإنسان بفرس».
(٦) يعني: أنها لا تنعكس الموجبة الكلية كلية لئلا ينتقض في مادة يكون المحمول فيها أعم من الموضوع؛ إذ يصدق قولنا: «كل إنسان حيوان»، ولا يصدق: «كل حيوان إنسان»، وإلا لصدق =