الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[المطلق والمقيد]

صفحة 346 - الجزء 1

[المطلق والمقيد]

  وهذا (فَصْلٌ(⁣١)) في المطلق والمقيد، وهما قريبان من العام والخاص، فلذا يذكران في بابهما.

  أما (المُطْلَقُ) فهو: (مَا دَلَّ(⁣٢)) أي: شيء دل (على ماهية(⁣٣) مجردة) أي: حقيقة من الحقائق غير مقيدة بشيء من القيود؛ فتخرجُ المعارفُ كلها؛ لتقييدها ببعض معين، وجميع الاستغراقات نحو: «الرجال»، و «كل رجل» و «لا رجل»؛ للتقييد بالاستغراق؛ فحينئذ معناه: ما دل على حصة ممكنة الصدق على حصص كثيرة من الحصص المندرجة تحت مفهوم كلي لذلك اللفظ، كرجل مثلاً.

  (وَ) أما (المُقَيَّد) فهو: (مَا دَلَّ عَلَيْهَا) أي: على تلك الماهية لكن لا مجردة، بل


(١) قال في شرح الغاية: ولما كان العام والمطلق مشتركين في العموم، إلا أن عموم الأول شمولي، وعموم الآخر بدلي، والمقيد بالنسبة إلى المطلق كالخاص بالنسبة إلى العام، وكان تعارض المطلق والمقيد من باب تعارض العام والخاص - حسن أن يذكرا في باب العموم والخصوص ويترجم لهما بالفصل.

(٢) لفظ الغاية وشرحها: فالمطلق الدال على شائع في جنسه، فقوله: «الدالّ» أي: اللفظ الدالّ، فالألف واللام بمنزلة الجنس. وقوله: «الدالّ «يحترز به عن الألفاظ المهملة. وقوله:» على شائع في جنسه» معناه أن يكون مدلول ذلك اللفظ حصة محتملة لحصص كثيرة مما تندرج تحت أمر مشترك من غير تعيين؛ فتخرج المعارف كلها؛ لما فيها من التعيين: إما شخصاً نحو زيد وأنت وهذا، وإما حقيقة نحو: الرجل وأسامة، وإما حصة نحو: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ}⁣[المزمل ١٤]، وإما استغراقاً نحو: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢}⁣[العصر]، والرجال، وكذا كل عام ولو نكرة نحو: كل رجل، ولا رجل؛ لأنه بما انضم إليه من كل والنفي صار للاستغراق، وهو منافٍ للشيوع المذكور. وأما المعهود الذهني مثل:» اشتر اللحم» فإنه مطلق؛ لصدق الحد عليه. أ هـ. وإنما فسر الشائع بالحصة نفياً لما يتوهم من أن المطلق هو ما يراد به الحقيقة من حيث هي، وذلك لأن الأحكام إنما تتعلق بالأفراد دون المفاهيم. أهـ. والحق الذي عليه العامة كالمؤلف ¥ أن الماهية لما كانت يستحيل طلبها وإيجادها خارجاً، ومطلوبات الشارع إنما هي من قبيل الممكنات، وإلا كان تقدم لأن المطلوب الجزئي المطابق للماهية كما تقدم في بحث الأمر، وهو الفرد المنتشر على حد المعهود ذهناً، وهو ما يطلق على كل فرد على جهة البدل، وليس المراد كل الأفراد حتى يكون عاماً، ولا فرداً معيناً حتى يكون خاصاً أو مقيداً. وقوله بمنزلة ... إلخ؛ لأنه ليس تحديداً بالذات، وهو ما يحد به الماهية، وإنما هو تعريف بحسب اللفظ، فمعناه كشف لمعناه. من الغاية وهامشها.

(٣) في نسخ المتن المشهورة في صعدة: ما دل على شائع في جنسه، والمقيد بخلافه. عن خط سيلان.