الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

فائدة:

صفحة 362 - الجزء 1

  فيهما أن لا يعتقده شاملا في العام، ولا على ظاهره حتى يقع منه (البَحْثَ) عن تخصيصه وبيانه، كما يأتي.

  (وَلاَ يَجُوزُ) ذلك (فِي الأَخْبَارِ)؛ إذ السامع إذا أُخبِر بعموم اعتقد شموله، فيكون إغراءً بالجهل، فيقبح. هذا في العام. وأما المجمل فلأنه يكون عبثا⁣(⁣١)؛ إذ فائدة الإخبار الإفهام، ولا إفهام في المجمل؛ إذ لا يُفهم المراد به.

  وأجيب⁣(⁣٢) عن هذا: بأن المخاطب بالعام لا يعتقد شموله حتى يقع منه البحث عن تخصيصه فلا يجده. وأما الخطاب بالمجمل ففائدته توطين النفس على الامتثال إذا تبين؛ إذ يُفهم منه أحد مدلولاته كما تقدم، والله أعلم.

فائدة:

  مَن منع مِن تأخير التخصيص لم يُجَوِّز إسماع بعض المخصِّصات دون بعض⁣(⁣٣) ضرورة. وأما المجوزون فقد اختلفوا في ذلك، والمختار أنه يجوز؛ بدليل وقوعه⁣(⁣٤)، ألا ترى أن قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}⁣[التوبة ٥]، عامٌ، ثم أُخرج منه أهل الذمة، ثم العبد، ثم المرأة، بتدريج.


(١) وليس كذلك الخطاب بالمجمل في الأمر والنهي؛ لأن العزم على الامتثال إذا بين يخرجه عن كونه عبثاً. واختار هذا القول بعض أصحابنا المتأخرين.

(٢) ولفظ شرح الغاية: وأجيب بمنع العبثية؛ فإن الإجمال كثيراً ما يقصد لغرض صحيح؛ ولذلك وجه المفسرون تقديم الإجمال في قصة أم كحة وتأخير التفصيل بأن الفطام عن المألوف شديد، والتدريج في الأمور من دأب الحكيم. ويمنع التلبيس؛ فإن العلم بجواز تأخير التخصيص إلى وقت العمل يمنع من الإقدام على اعتقاد استغراق العام عند سماعه، بل الشك يمنع من ذلك، فكيف إذا ظن ورود المخصص من بعد لأمارة، وهي كثرة التخصيصات؛ ولهذا قال بعض العلماء: إن وجود عام باق على عمومه عزيز في الأحكام. باللفظ.

(٣) ويعبر عنه بتدريج البيان. شرح غاية.

(٤) وأيضاً فآية المواريث - وهي قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} - عامة، فبيّن الرسول ÷ إخراج نفسه منها بقوله: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة»، ثم بين إخراج القاتل، ثم الكافر بتدريج. منتهى وشرحه للأصفهاني.