الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الثالث: الإجماع]

صفحة 129 - الجزء 1

[الدليل الثالث: الإجماع]

  (فصل: والدليل الثالث من الأدلة الشرعية: الإجماع). وهو ممكن⁣(⁣١)، وكذلك⁣(⁣٢) العلم بثبوته ونقله ممكنان لمن بحث وطلب، لا مانع منهما عند الأكثر. وسيأتي بيان ما يُعلم به. وما ذكره المانعون من ذلك تشكيكٌ في مصادمة⁣(⁣٣) ما علم قطعًا.

  بيانه: أنا علمنا أن الصحابة والتابعين أجمعوا على تقديم الدليل القاطع على المظنون⁣(⁣٤)؛ وما ذلك إلا لثبوته عنهم ونقله إلينا⁣(⁣٥)، فتأمل ذلك.

  وهو أيضًا حجه⁣(⁣٦)، وسيأتي وجه حجيته في آخر الفصل إن شاء الله تعالى.

  إذا تبين ذلك فنقول: حقيقة الإجماع في اللغة: العزم، والاتفاق، يقال: أجمعتُ على كذا، أي: عزمت عليه⁣(⁣٧)، وأجمع رأينا على كذا، أي: اتفقنا عليه.

  وفي الاصطلاح: (اتفاق(⁣٨) المجتهدين العدول من أمة محمد(⁣٩) ÷ في عصر على أمر).


(١) أي: تصور وقوعه في الذهن ممكن، وإنما اختلف في وقوعه في الخارج.

(*) وخالف النظام وبعض الروافض، فذهبوا إلى أن الإجماع ممتنع انعقاده. منتهى. قوله: «انعقاده» قالوا: انتشارهم في أقطار الأرض يمنع نقل الحكم الذي يراد عليه الإجماع إليهم عادة. منتهى.

(*) قوله: «وهو ممكن» كان القياس ذكر العلم به كما ذكره صاحب الغاية.

(٢) لا يخفى أن الأولى في العبارة: وكذلك ثبوته والعلم بثبوته ونقله يمكنان. وعبارة شرح الغاية: مسألة في بيان ثبوته والعلم به ونقله، وما فيها من الخلاف.

(٣) عبارة شرح الغاية: لأنه مصادم.

(٤) وعلى أن المشرك لا يغفر له.

(٥) وأنت خبير بأنه لا يُسلم أنه ثبت ذلك عنهم بنقلٍ كذلك؛ وذلك لأنا نعلم أن كل عاقل يقول ذلك، كما أنا نعلم إجماع من سيوجد على مثل ذلك، كما نعلم أن كل عاقل يعلم أن الكل أعظم من الجزء. قسطاس.

(٦) ولا يعتد بالنظام وبعض الخوارج والشيعة؛ لشذوذهم بالنسبة إلى أهل الحق. وقول أحمد: من ادعى الإجماع فهو كاذب، استبعادٌ لوجوده. منتهى ورفو.

(٧) ومنه: فأجمعوا أمركم، أي: اعزموا. شرح غاية. وقوله ÷: «لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل»، أي: لم يعزم ويقطع. شرح غاية.

(٨) يشمل اتفاقهم اعتقادًا، وقولًا، وفعلًا، وسكوتًا، وتقريرًا. شرح غاية.

(٩) بعده: ليخرج اتفاقهم في عصره، فإنه إن وافقهم فالحجة قوله أو تقريره، وإن خالفهم فلا اعتبار بقولهم دونه. شرح غاية.

(*) ولا حجة في إجماع غير هذه الأمة. فصول. قال الجوهري في الورقات: وإجماع هذه الأمة حجة دون غيرها، وظاهر كلام الدامغاني في رسالته أن إجماع غير هذه الأمة حجة. من حواشي الفصول.

(*) قوله: «من أمة محمد» يخرج اتفاق المجتهدين من أرباب الشرائع السالفة. شرح غاية.