الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الاعتراض الأول]

صفحة 208 - الجزء 1

  وجوابه: ببيان⁣(⁣١) ظهور اللفظ في مقصود المستدل؛ فلا إجمال حينئذ ولا غرابة؛ وذلك إما بالنقل عن أهل اللغة أنهم يستعملون اللفظ في ذلك، إما حقيقة أو مجازا، أو بالعرف العام، أو الخاص، أو بالقرائن⁣(⁣٢) المضمومة معه. فإن عجز عن ذلك فالتفسير⁣(⁣٣) لما أراد بما يحتمله اللفظ لغة، كأن يقول في المثال الأول: أردت: الفاعل القادر. ويقول في المثال الثاني: أردت بالأيَّل: الكلب، وبقولي: لم يرض: لم يُعلَّم، وأردت بالفريسة: الصيد، وبالسيد: الأسد.

  وهذا الاعتراض⁣(⁣٤) داخل في المطالبة⁣(⁣٥)؛ إذ المعترض يطلب من المستدل تقرير⁣(⁣٦) ما قصد باللفظ، فيرجع إلى ما ترجع إليه، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.


(١) وعبارة المنتهى: وجوابه بظهوره في المقصود بالنقل أو بالعرف أو بقرائن معه أو بتفسيره. قال الأصفهاني في شرحه عليه: وجواب المستدل بعد بيان المعترض الإجمال بأن يبين ظهور اللفظ في مقصوده - أي: مقصود المستدل - بالنقل عن أهل اللغة أو بعرف الشرع، أو الاصطلاح، أو بقرائن موجودة مع اللفظ، أو بأن يفسر اللفظ بما هو مقصوده إن عجز عن ذلك. ثم قال: وأما جواب الغرابة فببيان شهرة اللفظ بين أهل الاصطلاح، ولم يذكر المصنف بيان الغرابة من جهة المعترض، ولا جوابها من جهة المستدل باللفظ.

(٢) كما لو استدل بقوله تعالى: {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}⁣[البقرة ٢٣٠]، فقيل له: ما النكاح؟ فإنه يقال للوطء لغة، وللعقد شرعًا؟ فيقول المستدل: هو ظاهر في الوطء؛ لانتفاء الحقيقة الشرعية، أو في العقد؛ لهجر الحقيقة اللغوية، أو لأنه بمعنى الوطء لا يسند إلى المرأة، فقرينة الإسناد إلى المرأة تعين كونه العقد، وعلى هذه التقادير فقد منع الإجمال. وكذا يكفي في دفع الإجمال لو قال: وقرينة الإسناد إلى المرأة تعين أحدهما وإن لم يكن كافيًا في مقصود المستدل. قسطاس.

(٣) كما في مسألة الكلب المعلم. عضد. هذا على ما في العضد؛ لأنه قال فيه في مثال الغرابة: أن يقول في الكلب المعلم الذي يأكل من صيده: إيل لم يرض ... الخ.

(*) عبارة الأصفهاني: أو بأن يفسر اللفظ بما هو مقصوده إن عجز عن ذلك.

(٤) لغة أو عرفًا، لا بكل شيء؛ لئلا يصير لعبًا. شرح غاية.

(*) فيخرج عما وضعت له المناظرة من إظهار الحق. قسطاس.

(٥) ولا يخفى أن الاستفسار ليس باعتراض؛ إذ لا يعوق المستدل عن مطلوبه، فيتعين على المستدل قبوله. والله أعلم.

(٦) فيه خفاء؛ لأن المطالبة ترجع إلى المنازعة في حصول شرط، وهو صحة العلية، كما ذكره في المنهاج.