[الاعتراض الثالث عشر]
  مثال الأول: أن يقول المستدل على تحريم التفاضل والنسأ، في بيع التمر بالرطب، بالقياس على سائر الربويات: مثليٌّ استوى في الجنس والتقدير، فيحرم فيه التفاضل والنسأ كسائر الربويات.
  فيقول المعترض: هذا منقوض بمسألة العرايا، وهي بيع الرُّطب في رأس النخل بخرصه تمرا مؤجلا، فإنه وجد الوصف المدعى علة - وهو كونه مثليًّا استوى في الجنس والتقدير - ولم يوجد الحكم، وهو عدم جواز النسأ، بل وجد نقيضه وهو جواز النسأ.
  فيقول المستدل: إنه وُجِد في هذه الصورة دليل اقتضى نقيض الحكم، فخصص العلة، وهو ترخيصه ÷ لحاجة الفقراء إلى الرطب، وقد لا يكون عندهم ثمن آخر.
  ومثال الثاني: أن يقول المستدل على وجوب ضمان البُر - مثلا - إذا تلف بمثله: مثليٌّ فيضمن بمثله كسائر المثليات.
  فيقول المعترض: هذا منقوض بلبن المصراة، فإنه وجد فيه العلة - وهي كونه مثليا - ولم يوجد الحكم، وهو ضمانه بمثله، بل وجد خلافه، وهو أن يُضمن بالقيمة.
  فيقول المستدل: إنه وجد في هذه الصورة دليل اقتضى خلاف الحكم، وهو قوله ÷: «فليردها وصاعا من تمر» فخصص تلك العلة.
  ومثال الثالث: أن يقول المستدل على تحريم أكل الميتة: مستقذر فلا يحل أكله، كسائر المستقذرات.
  فيقول المعترض: هذا منقوض بالمضطر، فإنه يجوز له أكلها. فقد وجدت العلة - وهي الاستقذار - وتخلف الحكم، وهو التحريم.
  فيقول المستدل: إنما جاز ذلك في المضطر لدفع مفسدة هلاك(١) النفس، وهي آكد من أكل المستقذر، والله أعلم.
(١) فخلاف الحكم في محل النقض لدفع مفسدة آكد. فإذا نقض بحل الميتة للمضطر عليةَ أن النجاسة محرمة، أجيب بأن مفسدة هلاك النفس أعظم من مفسدة تناول النجاسة. أصفهاني على مختصر المنتهى معنى.