الخطبة الثانية
  كثيرٌ هم الذي يتملَّقون الناسَ بألسنتِهم، ويسعونهم بأخلاقِهم، ويعاملون الناسَ بلطفٍ وهدوءٍ. ولكن ما العملُ إذا كان هذا الشخصُ لا يذكرُ لله عهداً ولا يشكرُ له نعمةً ولا يدينُ له بولاءٍ.
  فهل يُعَدُّ هذا الشخصُ فاضلاً مُتَّقياً لأنه أحسن معاملتي على حين ساء معاملته مع ربه؟
  إن الإنسانَ الخيِّرَ لا ينقسمُ على نفسِه فيكون طيِّباً هُنا وخبيثاً هُناك؛ بل لا بُدَّ أن تسودَ حياتُه صفةً واحدةً وصيغةً واحدةً ثابتة. إنها سفالةٌ بعيدةٌ أن يكفرَ أمرؤٌ بربِّه ويعلنَ حربَه ثم ينتظرَ من الناس التقديرَ والاحترامَ لأنه ابتسمَ لهم بعد ما تَجَهَّمَ سيدَه ومولاه.
  عبادَ الله: إنكم في يومٍ عظيمٍ ويومِ عيدٍ كريمٍ شَرَّفَه اللهُ وكرمَه على سائرِ الليالي والأيامِ. فأكثروا فيه من الصلاةِ والسلامِ على نبيِّكم خيرِ الأنامِ امتثالاً لأمرِ اللهِ القائلِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.
  اللهم فصلِّ وسلمْ وبارك وترحم على عبدِك ونبيِّك وخيرتِك من خلقِك أبي الطيبِ والطاهرِ والقاسمِ محمدِ بنِ عبدِاللهِ بنِ عبدِالمطلبِ بنِ هاشمٍ.
  وصلِّ اللهم وسلم على أخيه وابنِ عمهِ وبابِ مدينةِ علمهِ أشجعِ طاعنٍ وضاربٍ علي بنِ أبي طالبٍ، وعلى زوجتِه الحوراءِ خامسةِ أهلِ الكساءِ فاطمةَ البتولِ الزهراء.
  وصَلِّ اللهم وسلم على ولديهما الإمامين الأعظمين أبي محمدٍ الحسنِ وأبي عبدِ اللهِ الحسينِ، وصل اللهم وسلم على الولي ابنِ الولي الإمامِ زيدِ بنِ علي.
  وصل اللهم وسلم على الإمام الهادي إلى الحقِّ القويمِ يحيى بنِ الحسينِ بن القاسمِ بن إبراهيمَ، وصل اللهم وسلم على سائرِ أهلِ بيتِ نبيئك المطهرين دعاةً منهم ومقتصدين، وارضَ اللهم عن الصحابةِ الأخيارِ من الأنصارِ والمهاجرين وعنَّا معهم بفضلِكَ ومَنِّكَ يا كريمُ.