سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 117 - الجزء 1

  وقد قَسَّمَ أميرُ المؤمنين # عبادةَ العبادِ إلى ثلاثةِ أنواعٍ فقال: (إن قوماً عبدوا اللّه رغبةً فتلك عبادةُ التجارِ، وإن قوماً عبدوا اللّه رهبةً فتلك عبادةُ العبيدِ، وإن قوماً عبدوا اللّهَ شكراً فتلك عبادةُ الأحرار).

  عبادَ الله: الإيمانُ بِحَدِّ ذاتِه له ما يقويه وينميه، وله ما يضعفُه ويوهنُه.

  فأما ما يقوي الإيمانَ بالله، ويزيدُ المعرفةَ به تعالى فهو التزودُ بالدلالاتِ والاستكثارُ من الحججِ والبراهينِ الدالةِ عليه تعالى وبخاصةٍ ما كان من جهة العقلِ، وما نتجَ عن التفكرِ والتأملِ في الكونِ وما حواه من بديعِ صنعِ الله الدالِّ على قدرتِه وحكمتِه وعلمِه ووحدانيتِه وقوتِه.

  من سماءٍ وأرضٍ وحيوانٍ، ونباتٍ وشمسٍ وقمرٍ، بل إن الكونَ يعجُّ بالآياتِ الدالةِ عليه تعالى، وأينما توجه الإنسانُ ببصرِه أو أصاخَ بسمعِه أو تذوقَ بلسانِه، أو شمَّ بأنفِه أو تفكرَ بعقلِه، وجدَ عظمةَ اللهِ،

  وفي كُلِّ شيءٍ له آيةٌ ... تَدُلُّ على أنه واحدُ

  وفي هذا الطريقِ والمسلكِ سارَ نبيُّ اللهِ إبراهيمُ ÷ حتى بلغَ أعلى مراتبِ الإيمانِ كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

  أقولُ ما تسمعون واستغفرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم من كلِّ ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.

  * * * * *