الخطبة الأولى
  من قال لكم يا بني إسرائيل إنكم ستُعذَّبون بقدرِ ذنوبكم ثم تَخرجون؟ هل هذا عهدٌ قطعناه لكم، فلن نخلفَه؟! أم أنكم تفترون علينا الكذبَ بقولِكم ما لا علمَ لكم به؟! ليس الأمرُ كما زعمتم أو كما تظنون.
  {بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} ألا تكون هذه الآياتُ القاطعاتُ رادعةً لمن يقول بالخروجِ من النارِ هذه الأيام؟!
  وأيضا نرى بعض الناسِ يعملُ المعاصي، ويعتقدُ بأن ذلك من الله قضاه اللهُ له وقدّرَه عليه، مع أن اللهَ قد نفى ذلك في القرآنِ الكريمِ في سورةِ الأعراف الآية (٢٨) قال تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا ٢٨} يفعلون الفواحشَ ثم يقولون قدَّرَها علينا اللهُ وأمرَنا بها، فردَّ اللهُ عليهم قائلاً: {قُلْ إِنَّ اللّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ}.
  إن الله ينهانا ويحذرُنا أن نسألَه شيئاً قد أهلكَ بسببِه قوماً قبلنا قال تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} ما هو السؤالُ الذي سألَه بنو إسرائيلَ فضلوا بسببه عن سواءِ السبيلِ، واستبدلوا إيمانَهم بالكفرِ، إنه قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} قالوها بألسنتهم فاستحقّوا من الله غضبه، قال تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ}.
  ماتوا جميعاً، وهلكوا عن بكرةِ أبيهم لقبحِ سؤالِهم، وحتى موسى # لم يَسْلَمْ من شرِّ سؤالهم فقد غشيَ عليه كما أخبَرنا اللهُ عن ذلك بقوله تعالى: {وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ} قام يدعو ربَّه ويناجيه بقوله: {قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ