الخطبة الثانية
الخطبة الثانية
  
  الحمد لله الملكِ الجبارِ العزيزِ القهارِ العلي الأعلى ذي الجلالِ والإكرامِ والجودِ والإنعامِ سبحانك ربي ما أعظمَ شأنَك وأقوى سلطانَك سبحانك خضعت لهيبتِك الكائناتُ وضعت لعظمتك السماواتُ كنفيها وسبحت لك الأرضُ ومن عليها.
  وأشهد ألَّا إله إلا أنت ولا معبودَ سواك تقدست أسماؤُك وتعالى شأنُك وعظمَ سلطانُك.
  وأشهد أن محمداً عبدُك ورسولُك وخليفتُك في أرضِك صلى الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم.
  أما بعد:
  عبادَ الله: لقد كان المؤمنون يكنون للهِ من الحبِّ والولاءِ الشيءَ الكثيرَ وكان للهِ من المكانة والتعظيمِ في قلوبهم الشيءُ العظيمُ، كانوا يجلون اللهَ في كلِّ شيءٍ ويعظمون شعائرَه ويحترمون بيوتَه ويقدسون أنبيائَه والعلماءَ، كانوا لا يتجاسرون رفعَ أصواتِهم في محضرِ رسول الله ويتحاشون الجهرَ له بالقولِ تعظيماً لمقامِه وإجلالاً لحرمةِ الرسالةِ التي أتى بها من عندِ الله.
  بل إن اللهَ قد أدّبَهم بذلك ونهاهم عنه بقولِه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ٢ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} وكذا فإن الله قد علمهم ألَّا يدعوا رسولَ اللهِ باسمه بل أمرَهم بتعظيمِه حتى في النداءِ بأن يقولوا يا رسولَ اللهِ يا نبيَّ الله، يا حبيبَ الله ونحو ذلك من الألقاب الكريمة والعظيمة قال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ