الخطبة الأولى
  عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.
  يا من يرى مدَّ البعوضِ جناحَها ... في ظلمةِ الليلِ البهيمِ الأليلِ
  ويرى نياطَ عروقِها في نحرِها ... والمخَّ في تلك العظامِ النُّحَّلِ
  اغفر لعبدٍ تابَ من زلاتِه ... ما كان منه في الزمانِ الأول
  يدعوه التائهُ في القفارِ فيسمعُ ندائَه، ويجيبُ دعاءَه، يستغيثُه الملهوفُ في لُججِ البحارِ، فيغيثه ويلبي دعاءَه، يدعوه المضطرُّ في الظلماتِ فيجيبُه، ويكشفُ بلواه {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}.
  {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
  عبد الله: راقبَ الله، واستحيي منه حقَّ الحياءِ فهو الذي يراك حين تقومُ، وتقلُّبكَ في الساجدين، ولا يخفى عليه من أمرِك شيءٌ، وهو العالمُ بما تُكِنُّ الضمائرُ، وما تخفي السرائرُ يعلمُ خائنةَ الأعينِ وما تخفي الصدورُ، فلا تغفل عنه، وإياك بأن تنسى مراقبتَه لك، وتمثل دوما بقولِ الشاعر:
  إذا خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل عليّ رقيب
  ولا تحسبن اللهَ يغفلُ ساعةً ... ولا أنَّ ما تُخفي عليه يغيب
  نسألُ اللهَ تعالى أن يرزقَنا خوفَه، وحسنَ المراقبةِ له في السرِّ والعلنِ، والخشيةَ له في القولِ و العملِ إنه قريبٌ سميعٌ مجيب.
  أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم من كلِّ ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.
  أعوذ باللهِ من الشيطانِ الرجيم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}.