سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 152 - الجزء 1

الخطبة الثانية

  

  {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا ١ قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً}.

  الحمد لله عالمِ الغيبِ والشهادةِ العليمِ الخبيرِ الذي لا تخفى عليه خافيةٌ في الأرضِ ولا في السماءِ وما يعزبُ عنه من مثقالِ ذرةٍ، يعلمُ ما نُخفي وما نُعلنُ ولا يخفى عليه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ وهو بكلِّ شيءٍ عليم

  وأشهد ألّا إله إلا الله العالمُ بما توسوسُ به الصدورُ وما تكنه الضمائرُ وما تخفي السرائرُ.

  وأشهد أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه المختارُ، عليه وعلى عترتِه الأطهارِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليمِ.

  أما بعد:

  عبادَ الله: جاء في الأثرِ أن جبريلَ # جاءَ إلى رسولِ الله ÷ فسأله عن الإحسانِ، فقال له النبي ÷: «الإحسانُ أن تعبدَ اللهَ كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».

  الإحسانُ في العبادةِ أن يعبدَ المؤمنُ ربَّه على وجهِ الحضورِ والمراقبةِ كأنه يراه بقلبِه، وأن يُشعِرَ نفسَه بأن اللهَ يراه، حين يصلي ومطلعٌ على قلبه وسريرتِه، ويعلمُ بنيتِه فإذا استشعر كلَّ ذلك أدّى عبادتَه على أكملِ وجوهِها، وقام بطاعةِ ربِّه على أحسنِ حالاتِها، وإذا علمَ في قرارةِ نفسِه بأن اللهَ مطلعٌ عليه وأن عملَه سيعرضُ على ربِّه أحسنَ في فعلِه، واجتهدَ وجد في إخلاصِ عملِه، وتذكرَ قولَ اللهِ تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.