الخطبة الأولى
  على الحلقاتِ والدشاتِ، فأيُّ غزوٍ وأيُّ مكرٍ يحاك ضد المسلمين أكبرُ من هذا وأيُّ فتنةٍ يرادُ بها الدينُ، وأهلُه ألا يجدون غير هذا الشهر يبثون سمومَهم فيه ويضيعون الشبابَ والأطفالَ فيه ألا يعلمون أنهم بهذا يصدون عن سبيلِ الله من آمن ويبغونها عوجاً فاللهُ المستعانُ، وكذا الجمعة لم تسلمْ من شرِّهم فقد علموا فضلَها وفضلَ ليلتِها وما أعد اللهُ فيها من الفضلِ والثوابِ فتراهم يعدون لكل ليلةِ جمعةٍ فِلماً طويلاً فاحشا قبيحا يبدأ من ثلث الليلِ تقريباً ولا ينتهي إلا في الثلث الأخير من الليلِ أحيانا لماذا؟ وما الهدفُ من ورائِه؟
  إن الغايةَ منه هي هدمُ الدينِ وإبعادُ المسلمين عنه يسهرون طولَ الليلِ في متابعةِ هذه الأفلامِ فيخسرون فضيلة هذه الليلة ويضيعون أفضلَ الأوقاتِ في الإثمِ والفجورِ ويخسرون الأجرَ والثوابَ، ليس هذا فحسب بل وينامون عن صلاةِ الفجرِ، ويواصلون النومَ إلى منتصفِ النهار فيفوتهم فضلُ يومِ الجمعةِ كما فاتهم فضلُ ليلتِها، وتفوتهم ربما صلاةُ الجمعةِ والعياذُ باللهِ، وهكذا أرادَ أعداءُ الإسلامِ وهكذا يكيدون للدينِ وأهلِه مكر بالليل والنهار، وقد نجحوا في إبعادِ كثيرٍ من الناسِ عن دينِهم وبخاصةٍ في المدنِ والقرى المتحضرةِ، فعلينا عبادَ الله أن نكونَ على حيطةٍ وحذرٍ مما يُنصَبُ لنا من المصائدِ وما يُحاكُ ضدنا من المكائدِ، فنحن في زمن فتن القابضُ فيه على دينِه كالقابضِ على الجمرِ يصبحُ الرجلُ فيه مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافراً، يخرجونه عن دينه ويبعدونه عن الإسلام وهو لا يشعر {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
  بارك اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ ونفعَنا بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ إنه تعالى جوادٌ ملكٌ برٌ رؤوفٌ رحيم واستغفرُه لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.