الخطبة الثانية
  الساعةِ الأولى فكأنما قرَّب بَدَنَةً - أي من تقدم حضورُه في أولِ النهارِ كان له من الأجر كمن ذبح ناقةً قربةً إلى اللهِ، ومن راح في الساعةِ الثانيةِ فكأنما قرب بقرةً، ومن راح في الساعةِ الثالثةِ فكأنما قرب كبشاً، ومن راح في الساعة الرابعةِ فكأنما أهدى دجاجةً، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضةً، فإذا خرج الإمامُ - أي خرج لقراءةِ الخطبة - طُوِيت الصحفُ ورُفعت الأقلامُ واجتمعت الملائكةُ عند المنبرِ يستمعون الذكرَ» صدق رسول الله.
  فكم يا ترى من الفضلِ يفوتُ الناسَ وكم من الأجرِ يخسرون وبخاصةٍ الذين يتجمهرون على أبوابِ المسجد يتضاحكون ويتحدثون حتى يؤذّنَ للصلاةِ، فعلينا عبادَ الله بالمبادرةِ للجامعِ والتبكيرِ بالحضورِ بقدرِ المستطاع امتثالاً لأمر الله القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} فالله يحثنا على السعي من أول نداءٍ وهو الأذانُ وينهانا عن البيعِ والشراءِ وما شابَه ذلك فكل بيعٍ وقعَ بعدَ النداءٍ فهو فاسدٌ ولا خيرَ ولا بركةَ فيه، ومن خرج للجمعةِ راكباً فبها ونعمت، وإن خرج راجلاً فهو أفضلُ كما كان يفعلُ رسولُ الله ÷ وليقرأْ في طريقِه قل هو الله أحد، يرددُها حتى يصلَ، فإذا دخلَ المسجدَ فليطلب الصفَّ الأولَ ثم على يمين الإمام فإن ذلك أفضلُ، على شرط ألا يتخطى رقابَ الناسِ أو يؤذيهم بالزحامِ، فإن دخل قبلَ الخطبةِ فلا يجلس حتى يصليَ تحيةَ المسجد ركعتين، وليقرأ سورةَ الكهفِ لما ورد فيها من الفضلِ في يومِ الجمعة، فإذا قام الإمامُ للخطبةِ فيلزم السكوتَ والإنصاتَ ويمنع الكلامَ والسلامَ. لماذا؟ لأن القصدَ من الجمعةِ هو حضورُ الذكرِ والاستماعِ للوعظِ لقوله تعالى: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} فلنحرص على الفائدةِ وعلى حصولِ المنفعة إن شاءَ اللهُ لقولِه ÷: «إذا دخل أحدُكم المسجدَ والإمامُ على المنبرِ فلا صلاةَ له ولا كلامَ حتى يفرغَ الإمامُ» وعنه ÷: «إذا قلتَ: (صه)