الخطبة الثانية
  والإمام يخطبُ فقد لغوتَ» فالذي يقرأ القرآنَ والإمامُ يخطبُ لا أجرَ له والذي يصلي والإمامُ يخطبُ لا ثوابَ له، لماذا؟ لأن استماعَ الخطبةِ واجبٌ والنوافل وقراءة القرآن مسنون، وكل مسنون عارضَ الواجبَ فهو باطل.
  مثلاً: تحيةُ المسجدِ التي يصليها بعضُ الناسِ والإمامُ يخطبُ هي مستحبةٌ، واستماعُ الخطبةِ واجبٌ فإذا صلاها فقد عارضَ الواجبَ بالمندوب وهذا باطل.
  تحيةُ المسجدِ هي مندوبةٌ لكلِّ وقتٍ تدخلُ فيه المسجدَ ولكن لا نرى من يهتمُّ بها أو يعتني بأمرِها إلا يومَ الجمعة وبخاصةٍ وقتَ الخطبةِ أما وقت الظهرِ والعصرِ وفي الليلِ فلا يهتمُّ بها أحدٌ وهذا هو عينُ العنادِ والمشاقةِ، وكذا الصلاة على النبي والتأمين ينبغي أن تكون سرّاً.
  عبادَ الله: إن من الواجبِ سماعَ الخطبةِ ولكن في داخلِ المسجد وأما من يستمعُ للخطبة من خارجِ المسجد ولم يحضرْ ولم يسمعْ في المسجدِ ولو قدرَ آيةٍ فلا جمعةَ له، ولا يجوزُ لمن حضرَ الصلاةَ في المسجد أن يتركها ويذهب، حيث وقد ورد النهيُ من اللهِ لذلك حين خرجَ الصحابةُ ورسولُ الله يخطبُ فأنزلَ اللهُ تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}.
  وأما الذين يتخذون من المسجدِ والحجرةِ أو الصرحِ غيرِ المسبلِ وقتَ الخطبةِ مسمراً للمجابرةِ والكلامِ وقتَ الخطبةِ وبين المواضي فإنهم آثمون مذنبون لأنهم يؤذون الناسَ ويشوشون على المستمعين ولا جمعةَ لهم ونقولُ لهم: هذا يومٌ حضرنا فيه لنحطَّ من أوزارِنا لا لنحملَ أوزاراً مع أوزارِنا فاللهُ المستعانُ ونسأل اللهَ لنا ولهم الهدايةَ والصلاحَ ولنصبّر أنفسَنا في هذا اليومِ وهي ساعةٌ بالكثيرِ فإذا قُضِيت الصلاةُ فانتشروا في أعمالِكم واسألوا اللهَ من فضلِه ولكن لا تنسوا ذكرَ الله لعلكم تفلحون وتنجحون في طلبِ العاجلِ من دنياكم والآجلِ من أخراكم، وادعوا الله في كل ساعة من يوم الجمعة فإن فيها ساعةً الدعاءُ فيها مستجاب.