الخطبة الثانية
  فهذه هي أركانُ الإسلامِ، ودعائمُه، ولا يستكمل إيمانُ امرئٍ حتى يستكملَها، ومن نقصها أو أهملها فليس من الله في شيء، ألا وإن أعظمها خطراً وأهمها شأناً الصلاة.
  الصلاةُ، وما أدراك ما الصلاةُ، إنها عمودُ الدينِ، ومن تركها فقد هدم الدين.
  الصلاةُ صلةٌ بين العبدِ وربه.
  الصلاةُ مثلُ الميزانِ من أوفى استوفى.
  الصلاةُ نورٌ في القلبِ، ونورٌ في القبرِ، وحصنٌ من النار.
  عبادَ الله: إن الصلاة هي ثاني أركانِ الإسلامِ وفضلُها على سائرِ الأركانِ معلوم، ولهذا سُميت عمودُ الدينِ الذي تقوم عليه بقيةُ الفرائضِ ولا تستقيم إلا به، فالصومُ والزكاةُ لا يكونان إلا في العامِ مرة، والحجُّ في العمر مرة لمن استطاع إليه سبيلا، بينما الصلاةُ في كلِّ يومٍ خمسُ مرات لا يُعذر امرئٍ حتى يؤديها، لا تسقطُ عن أحدٍ إلا إذا زال عقلُه، ولا تلحقها الإجازةُ ولا يقبل فيها النيابةُ، فهي فرضٌ فرضَهُ اللهُ على كلِّ مسلمٍ لا تسقط عن أحدٍ ما دام يقدرُ على الإيماءِ، والعجبُ العجابُ في شأنِ من تهاونَ بها في هذا الزمان، وقلل من أهميتها، وهي الفاصلةُ بين الإيمانِ والكفرِ، كما ورد عن النبي ÷ أنه قال فيما روي عنه: «ما بين العبدِ وبين الكفرِ إلا تركُ الصلاة».
  عبادَ الله: يجب أن نكون واقعيين، وصريحين مع أنفسِنا، ولنعلمَ أن المكرَ والخداعَ عاقبتُه علينا، ولا يحيقُ المكرُ السيءُ إلا بأهلِه، في واقعِ الأمرِ نحن جميعاً نحب الجنةَ ونتمناها، وهي غاية أمانينا ومنتهاها، والكل منا يخشى النار ويخافها ويكرهها ويستعيذ بالله من شرها وحميمها، ولكن الجنة ليست بالتحلي ولا بالتمني، وليست بالحظ، ولن ينالها أحد بالطمع قال تعالى: {أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ}، كل يريد الجنة؟ نعم، وهذا حق لكل امرئ أن يتمنى ما شاء.