الخطبة الثانية
  {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ٢٣٨}.
  لا يكفي أن تصليَ فرضاً وتترك فرضاً؛ لأن اللهَ أمرَ بالمحافظةِ على الصلاة، ومن ينقصها فهو مفرطٌ لا محافظٌ، والله قد وصفَ المؤمنين بأنهم على صلاتهم دائمون والذي يترك بعضها غير مداوم عليها.
  عبادَ الله: اعلموا أنه لا نجاة ولا فلاح إلا بالصلاة، ولو أنفق أحدكم ملء الأرض ذهباً ما تُقُبِّلَ منه إلا بالصلاة، ولو صام العبد الدهر كله ما صعد إلى الله من عمله وزن ذرة إلا بالصلاة.
  فكلُّ عملٍ موقوفٌ مرهونٌ بالصلاةِ لا يتقبلُ الله منه شيء إلا بها، وذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} وقاطع الصلاة من المتمردين على أمر الله المعطلين لحدوده، وليس من المتقين، وليكن في العلم والحسبان بأن قاطع الصلاة لا غفران له وليس له مفر من النار والخلود فيها مع الخالدين.
  أولم تقرأ قول الله: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ}، ما الذي أدخلكم النار وأحلكم دار البوار؟، {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} وقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} وويل: في بعض التفاسيرِ هو وادٍ في نار جنهم تستعيذ منه جهنم في اليوم سبعين مرة، وقوله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً}، والغي في بعض التفاسير وادٍ في جنهم.
  عبادَ الله: لقاطع الصلاة النار في الآخرة، والعذاب في الدنيا، فلربما أصابه الله بمرضٍ في هذه الدنيا، ليكونَ له عذاباً على وجهِ الأرضِ فلا تراه إلا مهموما مغموما في ضيق ونكد، قلق يساوره في الليل ووساوس ... تغمه في النهار، فلا المال أراحه ولا الغنى أسعده، فهو لا يلتذ بمال ولا يهنأ بجاه، حياته جحيم، هم في هم وغم على غم وذلك قول الله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}، فهذا جزاؤه في الدنيا والآخرة.