سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 206 - الجزء 1

  وإحكامه في كل شيء. يقول الله تعالى في خلق السماء {أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ} بل يؤكد ø ألَّا عيب في خلقه ولا نقص، {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} بل لقد أمر تعالى بالنظرِ والتدقيق في خلقِ السماءِ. أنظروا تأملوا أمعنوا التدقيقَ والتفحصَ هل من عيبٍ أو نقصٍ.

  اجتهد في البحث هل ترى في خلقِ الرحمنِ من اختلافٍ أو تناقضٍ، وإذا ارتد طرفك {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ۝ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ}.

  إنه خلقُ اللهِ كلُّه إحسانٌ وإتقانٌ، لا مكانَ للعشوائيةِ والفوضى {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}. إن الله قد أتقن لك يا ابن آدم كلَّ شيءٍ، وأحسنَ لك الخلقَ والإبداعِ في كلِّ شيءٍ، وكل خلق الله بديع، وكل أفعاله حسنة، فأحسن كما أحسن الله إليك.

  اجعل كل حركة وسكْنةٍ، وكلَّ عملٍ من أعمالك مشتملاً على الإحسانِ، لقد أتم اللهُ لك النعمةَ، وأكمل لك الإحسانَ، والآن حانَ دورُكَ لترد الإحسان. هل جزاءُ الإحسانِ إلا الإحسان؟ أحسن معاملتَك مع ربِّك، أحسن معاملتَك مع الخلْقِ، مع أهلِك، مع أقاربِك، مع جيرانك، في عملِك في بيتِك، في بيعِك وشراك، في صلاتِك في كل أعمالِك وافعالِك.

  عبدَ الله: أما تستحي من ربك الذي أحسن خلقَ الكونِ من أجلِك، وأحسنَ خلقَك، وأنزل أحسن الكتب إليك. وأحسن خلق هذا العالم بألوانه وأشكاله، في تصريف الرياح والهواء البارد والنسيم الساري، والسحاب والدواب، والبحر وحيتانه، وكل شيء عنده بمقدار: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} فتبارك الله أحسن الخالقين.