سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 231 - الجزء 1

  والآن عبادَ الله: هل وفينا للهِ بما كلفَنا به؟ وهل رعينا الأمانةَ حقَّ رعايتِها؟ وهل وفينا بما عاهدْنا عليه اللهَ من صونِ الأمانةِ والوفاءِ بها والعملِ بموجبها؟ {وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

  إن الغريبَ والعجيبَ ليس في مجردِ تركِ الوفاء بالأمانةِ والعملِ بها. بل إن الطامةَ والقاصمةَ للظهرِ، أن كثيراً منا لا يعلمُ معنى الأمانةِ، ولا يفقه مفهومها، وما مراد الله منها الكثير منا يعتقد بأن الأمانة ليست إلا مجرد حفظ حق الغير من ودائع ومال ونحو ذلك لا غير والمسألة أجلّ وأعظم مما يتصور الناس.

  عبد الله: إنك أمامَ أمانةٍ لها ثقلُها في الدينِ بل إنها من أعظمِ مقومات الدين وأوثقِ عرى الإيمان. أمانةٍ في النفسِ، أمانةٍ في البيت، أمانةٍ في المجتمع، أمانةٍ في السفر، والحضر، أمانةٍ في السوق.

  أمانةٍ في العمل بإخلاص وإتقان وإبلاغ الجهد في كل ما كُلِّفنا به. أمانةٍ في البيع والشراء النظيف الخالي من الغش، وترك الغبن والبخس في أموال الناس.

  أمانةٍ في حقوقِ الضعفاءِ واليتامى والأوقافِ والحقوقِ العامة.

  أمانةٍ في التربيةِ الإسلامية للأبناءِ وحسنِ تعليمِهم وتأديبِهم.

  أمانةٍ في صدقِ الحديثِ والوفاءِ بالوعدِ والدَّيْن.

  أمانةٍ في حفظ حق الجار والأخوة والأرحام.

  أمانةٍ في النفس والعين وما ترى، والأذن وما تسمع، واللسان وما ينطق، والإنسان كله أمانة لله.

  أمانةٍ في المال، وطرق كسبه، وإنفاقه بلا بخل، ولا إسراف ولا تبذير.

  أمانة في كل شيء، ليس هناك من شيء إلا وفيه للأمانة نصيب.

  فماذا عملنا بالأمانة هل وفينا بها؟ وأديناها كما أمر الله؟ أم أنا نبذناها وراء ظهورنا واستبدلناها بالغدر والخيانة؟

  تأملوا في بيعِنا وشرائِنا هل نتعاملُ فيه بالصدقِ والأمانةِ؟ أم بالغشِ والخيانة!