سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 232 - الجزء 1

  مهور نسائنا والتي استحلينا بها فروجهن، هل وفينا بها وأديناها كما أمر الله تعالى بقوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} أم جعلنا أمرَ الله مجردَ حِبرٍ على ورقٍ في عقدِ النكاح؟

  كيف واللهُ تعالى يقول: {وَآتُوا النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً}، فجعله الله فريضةً من الفرائضِ الواجبِ أداؤها، واللازم دفعها، وتوعد كل من سولت له نفسه غمط الحق أو التهاون في إخراجه كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهاً وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ١٩ وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ٢٠ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً}.

  فسمى تعالى أخذَه بالبهتانِ، وجعلَه من الإثمِ البيِّنِ الواضحِ، وتوعد آخذَه بالعقابِ الشديدِ، وعن النبي ÷ أنه قال: «من تزوج امرأةً على صداقٍ وهو ينوي ألا يؤديَه فهو زانٍ» وعنه ÷ «من تزوج امرأة لا يريد وفاء مهرها فهو عاهر».

  عبادَ الله: إن حقوقَ الضعفاءِ والأيتامِ من أعظمِ الأماناتِ التي كلفَنا اللهُ بأدائِها، فهل حفظناها وأديناها وأنفقناها عليهم كما أمر الله أم أكلناها إسرافا وبدارا قبل أن يكبروا قال تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ٩ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً}.

  هل حفظنا أمانةَ اللهِ في أبنائِنا ونسائِنا كما أمرَ اللهُ من تعليمهم أمورَ دينِهم، وتأديبِهم؟ أم أهملناهم وتركناهم؟!