الخطبة الأولى
  هل ائتمنَّا من ائتمننا على حقه من إخواننا المؤمنين؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
  عبادَ الله: لا ينبغي أن نخدعَ أنفسَنا. إن قلنا: نعم، فقد كذبْنا، وعلى من نكذب؟ بمن نمكرُ ونخادعُ؟ بيعنا وشراؤنا بالغشِّ، وكلامُنا بالكذبِ، ووعودُنا بالخلفِ، وعهودُنا بالغدرِ والخيانةِ، ومجالسنا في أعراض المؤمنين بالغيبة والنميمة. أي إيمان ننتسب إليه وأي إسلام نتسمى به؟
  إن حقيقةَ المؤمنِ من أمنَه الناسُ على أموالِهم وأنفسِهم وأعراضِهم والمسلمُ من سَلِمَ المسلمون من لسانِه ويدِه.
  البعض منا يستدينُ ويستقرضُ من أخيهِ ويعدُه بالوفاءِ ويحلفُ له الأيمانَ البالغةَ بأن يردَّ إليه حقَّه فإذا حانَ الوعدُ وجاء وقتُ الوفاءِ تمكَّرَ وتنكرَ، وماطلَ وراوغَ، واختلقَ الأعذارَ والمالُ في متناولِ يدِه و قد أغناه اللهُ ووسع عليه رزقَه، والذي أقرضَه في أشدِّ الحرجِ والحاجةِ. فأين الوفاء بالأمانة؟
  وديننا الإسلامي يأمرنا بأداءِ الدَّينِ ويمنعُ صحةَ العبادةِ والصلاةِ إذا ضيقَ عليه صاحبُ الدين بل أوجبَ عليه أن يخرجَ من صلاتِه ليفيَ بدينِه، وجعلَ مطلَ الغنيِّ من نواقضِ الوضوءِ، والتي لا يقبل الله من صاحبها صرفا ولا عدلا إلا بأدائها.
  ولقد ورد عن النبي ÷ أنه إذا خرج للجهادِ نادى بعد خروجِه من المدينة: «ألا من كان عليه دينٌ فليرجِع».
  بل لقد حضرَ ذاتَ يومٍ جنازةَ رجلٍ وعندما هَمَّ بالصلاةِ عليه سأل: هل على صاحبكم دينٌ قالوا: نعم عشرةُ دراهمَ فامتنع من الصلاة عليه حتى يُقضى دينُه، فقام الإمام علي # وتحمل دينه فصلى عليه النبي ÷ ولم يكتف بضمانة الإمام علي وكفالته بل لقد مرَّ الإمام علي # آخر النهار فسأله ما فعل في دين الرجل وهل قضاه أم لا ... ؟ وذلك إن دل على شيء فإنه يدل على أهمية قضاء الدين وخطورة التهاون والمماطلة فيه.