سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 235 - الجزء 1

  صفاتُ الفضيلةِ ماتت، ومات معها أهلُها، ونشأت أجيالٌ يلبسون جلودَ الضأنِ على قلوبِ الذئابِ، ملئت نفوسُهم بالشرِّ والنفاقِ، لا يُأتمنون على دين أو مال.

  تأملوا معي حديثَ رسولِ الله ÷ وأَمْعِنُوا النظرَ في معانيه يقول الرسول ÷: «آيةُ المنافقِ ثلاثٌ إذا حدثَ كذبَ وإذا وعدَ أخلفَ وإذا أؤتمنَ خان».

  (ثلاثٌ من كن فيه فهو منافقٌ، وإن صلى وصامَ، وإن زعم أنه مؤمنٌ، ومن كانت فيه خصلة ففيه خصلة من النفاق حتى يدعها)، اسمعوها وعوها وكل واحد يعرضها على نفسه ليعرف في أي مكان كتب اسمه عند الله هل في زمرة المؤمنين أم في سجل المنافقين؟

  - إذا حدثَ كذبَ.

  - إذا وعدَ أخلفَ.

  - وإذا أؤتمنَ خانَ.

  رُفعت الأقلامُ وطويت الصحفُ بثلاثِ كلماتٍ، يميزُ اللهُ الخبيثَ من الطيبِ، فكم فينا من هذه الثلاثِ؟ النتيجةُ مؤلمةٌ أليس كذلك؟ وأكثرُ من هذه الصفاتِ هو ما عليه عامةُ الناسِ اليومَ وهذه ليست من أخلاقِ المؤمنين المنافقُ يكذبُ ويُخلفُ ويخونُ، والمؤمنُ صادقٌ في حديثِه، وافٍ على عهدِه ووعدِه، أمينٌ على ما أؤتمن عليه. إلى كم سنظلُّ نضحكُ على أنفسِنا ونمكرُ ونلعبُ على عقولِنا؟ ألم يأنِ لنا أن نفيقَ من غفلتِنا ونستيقظَ من نومِنا وننتبهَ لما أمامِنا من الأهوالِ والمواقفِ العظيمةِ من موتٍ وقبرٍ وحشرٍ ونشرٍ وجنةٍ ونارٍ {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}

  ألم يأنِ لنا أن نُغيرَ الطريقةَ التي نتعاملُ بها. ألم يحن الوقتُ أن نبصرَ رشدَنا ونفيقَ من سباتنا.