سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 240 - الجزء 1

  وتكون الأمانةُ في البيعِ والشراءِ والإجارةِ والاستئجارِ، فلا يجوزُ للبائع أن يخونَ المشتري بنقصٍ في الكيلِ أو الوزنِ أو زيادةِ الثمنِ أو كتمانِ العيبِ أو تدليسٍ في الصفةِ، ولا يجوز للمشتري أن يخونَ البائعَ بنقصٍ في الثمنِ، أو إنكارٍ أو مماطلةٍ مع القدرةِ على الوفاءِ. ولا يجوزُ للمؤجر أن يخونَ المستأجر بنقص شيءٍ من مواصفاتِ الأجرةِ أو غيرِ ذلك. ولا يجوزُ للمستأجر أن يخونَ المؤجرَ بنقصِ الأجرةِ أو إنكارِها أو تصرفٍ يضرُ المستأجرَ من دارٍ أو دكانٍ أو آلةٍ أو مركوبٍ.

  وتكون الأمانةُ في الوكالاتِ والولاياتِ، فيجب على الوكيلِ أن يتصرفَ بما هو أحسنُ ولا يجوز أن يخونَ موكلَه فيبيع السلعةَ الموكَّلُ في بيعها بأقلَّ من قيمتِها محاباةً للمشتري، أو يشتري السلعةَ الموكل في شرائِها بأكثرَ من قيمتِها محاباة للبائع. وفي الولاياتِ كلُّ مَن كان والياً على شيءٍ خاصٍ أو عامٍ فهو أمينٌ عليه، يجب أن يؤديَ الأمانةَ فيه، فالقاضي أمينٌ، والحاكم أمينٌ، والمدرس أمينٌ، والمدير أمينٌ، وكلُّ مسئولٍ أمينٌ على ما اؤتمنَ عليه، يجب عليهم أن يتصرفوا فيما يتعلق بولايتِهم بالتي هي أحسنُ في ولايتهم، وفيما ولوا عليه حسبما يستطيعون، وأولياء اليتامى وولاة الأوقاف وأوصياء المواريث كل هؤلاء أمناء يجب عليهم أن يقوموا بالأمانة بالتي هي أحسن.

  ألا وإن من الأمانةِ ما يتصلُ بالتعليمِ والإرشادِ، وتربيةِ الأبناء فعلى القائمين على ذلك من مُدَرَاءَ ومعلمين والمشرفين عليها أن يُراعوا الأمانةَ في ذلك باختيارِ المناهجِ الصالحةِ، والمدرسين الصالحين المصلحين الأكفَّاء، وتوعية الطلبة ديناً ودنيا عبادةً وخلقاً.

  أيها الناسُ: اتقوا اللهَ تعالى وأدوا الأمانةَ التي حُملتُمُوها وتَحملتم مسئوليتَها فقد حُمّلتموها بما وهبَكم اللهُ من العقلِ وأرسلَ إليكم من الرسل. أدوا الأمانةَ التي عرضَها اللهُ على السماواتِ والأرضِ والجبالِ فأبينَ أن يحملْنَها وأشفقْنَ منها وحملَها الإنسانُ إنه كان ظلوماً جهولاً. أدوا الأمانةَ فإنكم عنها مسئولون وعلى حسب القيامِ بها.