سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 241 - الجزء 1

  أو التفريطِ فيها مجزيون، فإما مغتبِطون بها مسرورون، وإما نادمون في إضاعتها حزنون، أدوا الأمانة فيما بينكم وبين الله، وأدوها فيما بينكم وبين عباد الله.

  أما أداؤها فيما بينكم وبين ربِّكم فأن تقوموا بطاعتِه مخلصين له الدينَ وتقربوا إليه بما شرعَه متبعين لرسولِه غيرَ زائدِين عليه ولا ناقصين، فلن يقبلَ اللهُ عملاً حتى يكونَ خالصاً لوجهِه موافقاً لشرعِه.

  وأما أداءُ الأمانةِ فيما بينَكم وبين العبادِ فأن تقوموا بما أوجبَ اللهُ عليكم من حقوقِهم، بحسب ما يقتضيه العملُ الذي التزم به الإنسان نحو غيره من الناس. فولاة الأمورَ صغاراً كانوا أو كبارا رؤساء أو مديرين أمانتهم أن يقوموا بالعدلِ فيما وُلّوا عليه، وأن يسيروا في ولايتهم حسبما تقتضيه المصلحة في الدين والدنيا وألّا يحابوا في ذلك قريبا ولا صديقا ولا قويا ولا غنيا ولا شريفا، فلقد أقسم رسول الله ÷ وهو الصادق بدون قسم لو أن فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقت لقطعَ يدَها. أقسم على ذلك عَلَناً وهو يخطبُ الناسَ، حينما شفع إليه في رفع الحد عن المرأة التي من بني مخزوم، أقسم على ذلك تشريعا للأمة وتبيانا للمنهج السليم الذي يجبُ أن يسيرَ عليه ولاةُ الأمورِ. وعلى ولاة الأمور أن يولوا الأعمالَ مَن هو أحقُّ بها وأجدرُ وأقومُ وأنفعُ. فإن من خيانةِ الأمةِ وخيانةَ العملِ أن يولى على المسلمين أحد وفيهم من هو خير منه في ذلك العمل.

  وأصحابُ الأعمالِ أمانتُهم في وظائِفهم أن يقوموا بها على الوجهِ المطلوبِ، وألّا يتأخروا ولا يقصروا في ما أوكل إليهم من أعمالهم، أو يتشاغلوا بغيرها إذا حضروا مكان العمل، وألّا يتعدوا في أمر لا يعنيهم فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

  ألا وإن من واجبِ الأمانةِ على أي عملٍ سواءً في إدارةٍ معينةٍ، كمستشفى، أو محكمةٍ أو في وظيفةٍ عامةٍ أو أيِّ معاملةٍ، ولو حتى عاملٍ على محطةِ بترولٍ أو غازٍ فالأولوية بالنسبة لمن سبقَ ولا يجوزُ تقديمُ زبونٍ على آخرَ لأن الأمانةَ تقتضي