سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 286 - الجزء 1

الخطبة الثانية

  

  الحمد لله وليِّ النعماءِ، وكاشفِ الضرِّ والبلاءِ، الذي لا يُرجى إلا خيرُه، ولا يُخشى إلا ضيرُه، ولا إله غيرَه، نحمدُه تعالى ونشكرُه على كلِّ حالٍ، ونستعينُ به ونؤمنُ به ونتوكلُ عليه، وهو خيرُ مستعانٍ على أمورِنا في دنيانا والدينِ، وأشهدُ ألّا أله إلا الله القائمُ على كلِّ نفسٍ بما كسبت، الذي لا يخفى عليه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ وهو بكل شيء عليم، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه أرسلَه اللهُ رحمةً للعالمين، فأنارَ به العقولَ، وشرحَ به الصدورَ وفتحَ به أعيناً عُمياً وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، صلى الله عليه وعلى آله الولاة وسلم تسليماً كثيراً.

  أما بعد:

  عبادَ الله:

  إن الله قد أنعمَ علينا بنعمٍ جسيمةٍ وعظيمةٍ، نِعَمٍ ظاهرةٍ وباطنةٍ، لا حصرَ لها ولا عدَّ {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ} {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}

  كيف لا؟! وفضلُ اللهِ على عبادِه متوالٍ، ليلاً ونهاراً، ومع ذلك نُقرُّ به ولا نقدر ثمنه والله يقول {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}، فالتارك لشكر النعمة جاحد لفضل الله، كافر بنعمته، إن الإنسان لظلوم كفار.

  {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ٥٣ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ٥٤ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}.

  عبادَ الله: ليست النعمةُ مقصورةً على المأكلِ والمشربِ وسائرِ الملذاتِ بل هناك نعم أعظمُ منها وأكبرُ فائدةً فان الصحةَ والعافيةَ مثلاً من أجلِّ النعم التي