سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 9 - الجزء 2

  السعادة المنشودة

الخطبة الثانية

  

  الحمدُ لِلهِ الَّذِي خلقَ الأرضَ بِقُدرَتِهِ، وَدبَّرَ الْأمرَ بِحكْمَتِهِ، العَالِمِ بِدقائقِ الأمورِ، والمحيطِ عِلماً بِمَا يَدورُ في الضمائرِ والصدورِ، لا يُسألُ عما يَفْعَلُ وهم يُسْألون.

  وأَشهدُ ألا إِلهَ إِلا اللهُ الحكيمُ الخبيرُ صاحِبُ الأمرِ والتدبيرِ.

  وأشهدُ أنَّ مُحمَّداً عَبْدُهُ ورسولُه البشيرُ النذيرُ الدّاعي إِلى اللهِ بِإذنهِ السِّراجُ المُنيرُ صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين وسَلَّمَ تَسليماً كثيراً

  أما بعدُ:

  {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}

  عبادَ الله:

  إِنَّ اللهَ يَدْعوكم، ورَسولَه يَدعُوكم، وَما زَالَ النداءُ يتردَّدُ صدَاهُ مِنْ حينٍ إِلى آخرَ، يَدعُو البشريَّةَ لِمَا فيهِ خَيرُها، ولِمَا فِيهِ عِزتُها وكَرَامَتُها، يَدعو الناسَ لِحياةٍ طيّبَةٍ كريمةٍ، ومِنْ أَجلِ سعادتِها في الدنيا والآخرَِةِ، ولهذا بَعثَ اللهُ النَّبيينَ والمرسلِينَ.

  لقد بعثَ اللهُ رسولَهُ لا ليُهِيمِنَ على الأُمَّةِ ويتَحكّمَ في الرقابِ، ولكنّهُ جاءَ لِخدْمةِ الْبَشَريّةِ، وَلِمَا فيهِ مصلحتُها، يُبَصِّرُ الأَعْمَى وَيَهْدِي الضّالَ، ويُعَلِّمُ الجاهلَ وَيُرَبِّي ويُؤَدِّبُ الإنسانِيّةَ كَمَا قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} إنهُ طَبِيبُ القلوبِ وَبَلْسمُ الجِراحِ أَرْسَلَتْه الرحمةُ الإِلهيةِ لِيُدَاويَ المَرْضَى، وَيُوانسَ البُؤَسَاءَ، ويُوَاسِيَ المَحْرُومِين، أَتى مِنْ عِندِ اِللهِ