سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 11 - الجزء 2

  أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً}

  عبادَ الله:

  لَقدْ ظَنَّ البعضُ ِأنَّ الدِّينَ هو سَبَبُ تَخَلُّفِهم وَجهلِهِم، وَتَوَهَّمُوا أَنَّ نِظامَ الغَربِ هو سَبَبُ تَقَدُّمِهم وَرُقِيِّهم، والذي يَكفلُ لَهُم السّعادَةَ والراحةَ التي يَبحثونَ عنها، فَأَخذُوا يُقَلِّدونَهم، وَيْقتَفُون آثارَهم في كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، ويَحذُون وَرائَهم حَذْوَ القذّة بِالقذّة.

  غُرابٌ تَعَلُّمَ مَشْيَ الْقَطا ... وقَدْ كانَ أَدْرَكَ مَشْيَ الْحِجَل

  فَهَرولَ مَا بَينَ ذَاك وَذَا ... فَلا ذَا تَأَتَّى وَلا ذَا حَصَل

  هذا كلُّه يَحدثُ في الوقتِ الذي نَرَى فيه الغربَ اليومَ يَعودونَ إلى دستورِ الإسلامِ، بلْ وبَعدَ دِراساتٍ وبحوثٍ طويلةٍ صَرّحَ كثيرٌ مِنهم بِأنَّ النظامَ الإسلامِيَّ هُو أفضلُ وأَنْسَبُ نِظامٍ يُمكِنُ أنْ يَسيرَ على مِنهاجِه العالمُ اليومَ، وهو النظامُ الوحيدُ الذي يَصلَحُ لِكلِّ زمانٍ ومكانٍ، ويُمكنُ لِلبَشَرِيةِ أَنْ تَسْعَدَ وتَسْتَقرَّ حياتُها تَحتَ ظِلّه {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}

  حَرَّموا المُخَدِّرَاتِ والمسْكِراتِ، وهُم الذين صَنَعُوها وَأَغْرَوا بِها الناسَ، وفَتَحُوا أبوابَ الدَّعارَةِ والزِّنا، وفي الأَخِيرِ حَذَّرُوا مِنها حَيثُ رَأَوْا عَواقِبَها، وانْتَشَرَتْ أَمْرَاضُها التي عَجِزُوا عن عِلاجِها إلى اليوم.

  مَنَعُوا وَطْءَ الْحَائِضِ، وَأْكلَ لَحمِ الخنزِير، وَهَكَذا شَاءتْ إِرَادَةُ اللهِ أَنْ يَعُودُوا إلى الحقِّ مُذْعِنِين، وَأنْ يُطَبِّقُوا أحكامَ اللهِ كَارِهين بَعدَما رَأَوْا أنَّهُ الحقُّ، وذلك قولُ اللهِ {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}