الخطبة الثانية
  في العشر الأواخر لشهر رمضان
الخطبة الثانية
  
  الحمدُ لِلهِ رَبِّ العالمينَ، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الواحدِ الأحدِ، الجوادِ الكريمِ، الحنَّانِ المنَّانِ، الملكِ العظيمِ، الواهبِ المُعْطِيْ، السَّمِيعِ الْعَلِيمِ، نَحْمَدُه عَلَى سَوابِغِ نَعْمَائِهِ، وَتَرَاَدُفِ آلَآئِهِ، وَنَسْأَلُهُ الْهِدَايَةَ وَالتَّوْفِيقَ، والعونَ والتَّسْدِيدَ
  وَأشهدُ أَلَّا إِلهَ إِلَّا اللهُ، فَالِقُ النُّورِ والإصباحِ، وجَعَلَ الَّليلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ والقمرَ حُسْبانا، ذَلك تَقْدِيرُ العزيزِ العليمِ، غافِر الذّنبِ وقَابِلِ التَّوبِ شَديدِ العقابِ ذي الطَّولِ، لَا إِلَه إِلَّا هُو إِليهِ المصيرُ.
  وَأشْهدُ أَنَّ مُحمَّداً عَبْدُه وَرَسُولُه، المُنَزَّلُ عليه قَولهُ تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} صَلَّى اللهُ عليه وَعَلَى أَهلِ بيتِه الطَّاهِرينَ مِن يَومِنا هَذا إلى يومِ الدين.
  أَمَّا بَعْد:
  عِبادَ الله:
  إِنَّ الدُّنْيَا مِيرَاثُ الْآخِرَة، فَمَا زَرَعَهُ فِيها العبدُ مِن خَيرٍ أَوْ شَرٍّ حَصَدَهُ فِي الآخِرةِ، ولقيَ ثَمَرَةَ سَعْيِهِ وَ تَعَبِهِ {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ٦ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ٧ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}.
  إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعلِ الثوابَ والأجرَ حَكْراً عَلَى الْأَغْنِياءِ وَالْمُتَعَلِّمِينَ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ فِيهِ فَضْلُ زِيادَةٍ، فَالصَّدقةُ مَثلاً لَم تُقْصَرْ عَلَى الأغنياءِ وأَصْحَابِ الْأَمْوَالِ، بَلْ رَبُّمَا كَانتْ لِلفُقَرَاءِ أعمالٌ وَأَقْوَالٌ تَعْدِلُ أَضْعَافَ مَا يَهبُهُ الأغنياءُ، وَتَكونُ عِندَ اللهِ أَرْضَى مِن صَدَقةِ الذَّهَبِ والمالِ، كما قال تعالى: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ