سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 158 - الجزء 2

  كلَّا والله إنها الفاقرةُ والقاصمةُ للظهرِ إذا أتى إلينا مَلَكُ الموتِ ونحنُ على هذه الحالَةِ ..

  يُرْوَى في التصفية أنَّ جبارًا مِنَ الجبابرةِ مِن بني إسرائيلَ كان جالسًا في منزلِهِ قد خلا ببعضِ أهلِهِ إذ نظرَ إلى شخصٍ قد دخلَ عليه من بابِ بيتِهِ، فثَارَ إليهِ فَزِعًا مُغضبًا فقالَ لَهُ: مَنْ أنتَ ومَنْ أدْخَلَكَ عليَّ دارِي، فقالَ: أما الذي أدخلني عليكَ الدارَ فَرَبُّها، وأمَّا أنا فأنا الذي لا يَمْنَعُ مِنِّي الحجابُ، ولا أستأذنُ على الملوكِ، ولا أخافُ صَوْلَةَ السلاطينِ، ولا يَمْتَنِعُ مني كلَّ جبارٍ عنيدٍ ولا شيطانٍ مريدٍ.

  قال: فَسُقِطَ في يدِ الجبَّارِ وارْتَعَدَ حتى سَقَطَ على الأرضِ منكبًّا على وجههِ ثم رفعَ رأسَهُ إليهِ مُتَحَيِّرًا مُتذللاً فقال لهُ: أنتَ إذًا مَلَكُ الموتِ، قال: أنا هو، قال: فهل أنتَ مُمْهِلي حتى آخُذَ عهدًا، قال: هيهات، انقطعتْ مُدَّتُكَ، وانقَضَتْ أنفاسُكَ، ونَفِدَتْ ساعَاتُكَ، فليسَ إلى تأخيرِكَ سبيلٌ، قال: فإلى أينَ تذهبُ بي، قال: إلى عمَلِكَ الذي قَدَّمْتَهُ وإلى بَيْتِكَ الذي مهدتَهُ.

  قال: فإني لم أُقَدِّمْ عَملاً صالحًا ولم أُمَهِّدْ حسنًا، قال: فإلى {لَظَى ١٥ نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى ١٦ تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ١٧ وَجَمَعَ فَأَوْعَى ١٨}، فسَقَطَ مَغْشِيًّا عليهِ.

  فيا لها من حَسرةٍ، ويا لها من ندامةٍ، ويا لها من عَثْرَةٍ لا تُقَالُ.

  أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ، :

  {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.

  بارك اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيمِ، ونفعَني وإياكم بما فيهِ من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ، إنه تعالى جوادٌ ملكٌ بَرٌّ رءوفٌ رحيمٌ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.