الخطبة الثانية
  حسرات اليوم الآخر
الخطبة الثانية
  
  الحمدُ للهِ ربِّ العالمين حمدًا لا انتهاءَ لعددِهِ، ولا غايةَ لأمَدِهِ، ولا انقطاعَ لأبدِهِ، حمداً يكونُ وصلةٌ إلى طاعتِهِ وعفوِهِ، وسببًا إلى رضوانِهِ وذريعةً إلى جنتِهِ، وخفيرًا من نقمتِهِ، وأمْنًا من غضبِهِ، وعونًّا على تأديةِ حقِّهِ ووظائفِهِ.
  وأشهدُ ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ ولا عديلَ، ولا خلفَ لقولِهِ ولا تبديل.
  وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ إلى عبادِهِ، مبلغُ الوحي والتنزيلِ، الهادي إلى أقومِ سبيلٍ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
  أما بعد عباد الله:
  إن ما ذكره اللهُ لنا في القرآنِ من حسراتِ أهلِ العصيانِ في يومِ القيامةِ، وما يجدونَهُ من الحسرةِ والندامةِ ليس عنا ببعيدٍ، وما ذكرنا ليس مجردَ قصصٍ نسلي بها أنفسَنا، أو نستعطفُ بها قلوبَنا، بل إنها أمورٌ حقيقيةٌ وحوادثُ صادقةٌ ومَنْ أصدقُ مِن اللهِ قيلًا، ومَن أصدقُ مِن اللهِ حديثًا، ولا مفرَّ ولا مناصَ لكلِّ عبدٍ من أن يَمُرَّ بها ويتجرعَ مرارَتَها ويندمَ ولاتَ مندمٍ {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى ٣٥ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى ٣٦ فَأَمَّا مَن طَغَى ٣٧ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٣٨ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ٣٩ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ٤٠ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} ولكن بعد فوات الأوان في يوم الحسرة {لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً}.
  عباد الله:
  إن أولَ محطةٍ تُكْشَفُ فيها حُجُبِ الغيبِ، وينكشفُ المستورُ ويعرفُ فيها