الخطبة الأولى
  لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ٦٢ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً}.
  عباد الله:
  أَوَدُّ أنْ أَصْحَبَكم في رحلةٍ تَصَوُّرِيَّةٍ وجَوْلَةٍ تَرفيهيةٍ نُمَتِّعُ فيها الخيالَ ونُشَوِّقُ النفسَ حولَ مائدةِ اللهِ العظمى، وضيافةِ اللهِ الكبرى إلى الجنةِ دارِ المتقين، وجائزةِ الموحدين.
  نطوفُ وإياكم حولَ ذلك النعيمِ الخالدِ، ونتعرَّفُ على قطرةِ من بحرِ نعيمِها، وذرةٍ من كثبانِ مسكِها، وما أعدَّ اللهُ فيها علَّ القلوبَ أنْ تَطْمَعَ فيما أعدَّهُ اللهُ، وتسابقَ مع المسابقين في مِضْمَارِ الطاعةِ لنيلِ تلك الجائزةِ العظمى.
  ودليلُنا في رحلتِنا هذه هو كتابُ اللهِ وما جاءنا عن النبيِّ الأعظمِ في وصفِ الجنةِ وما فيها من النعيمِ.
  والبدايةُ مع رسولِ اللهِ ÷ كما روي عنه في الإرشادِ أنه قالَ لعليٍّ #: «يا عليُّ، إنَّ المتقينَ إذا خرجوا من قبورِهم استُقْبِلُوا بنوقٍ عليها رحائلُ الذهبِ يستوونَ عليها، فتطيرُ بهم حتى ينتهوا إلى بابِ الجنةِ، فإذا حِلْقَةٌ مِن ياقوتٍ على صفائحِ البابِ، وإذا عندَ البابِ شجرةٌ ينبعُ مِن أصلِها عينانِ، فيشربونَ مِن إحدى العينينِ، فلَمَّا بَلَغَ الشرابُ إلى الصدورِ أخرجَ اللّهُ ما في صدورِهم مِن الغلِّ والحسدِ والبغي، فذلك قولُه تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} فلما انتهى إلى البطنِ طَهَّرَهُ اللّهُ من دَنَسِ الدنيا وقَذَرِها، وذلك قولُه تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} ثم اغتسلوا من الأُخرى، فجرتْ عليهم النضرةُ والنعيمُ، لا تشعثُ أشعارُهم، ولا تتغيرُ ألوانُهم، فيَضربونَ بالحلقةِ على الصفائحِ، ولو سمعتَ لها طنيناً يا علي، فتبلّغُ كلُّ حوراءَ أن زوجَها قد قَدِمَ، فتبعثُ إليه قَيِّمَةً (أيْ: خادمةً)، فتقول: يا وليَّ اللّهِ، أنا قيمكَ الذي وُكِّلْتُ بمنزلِك، فينطلقُ وهو بالأثرِ حتى ينتهيَ إلى قصرٍ من الفضةِ، شُرُفُهُ الذهبُ، يُرى ظاهرُه من باطنِه، وباطنُه من ظاهرِه، فيريدُ أن