سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 236 - الجزء 2

  يدخلَه، فيقولُ: يا وليَّ اللّهِ أمامَكَ ما هو أحسنُ، فينطلقُ به إلى قصرٍ من الذهبِ، شُرُفُهُ فضةٌ، يُرى باطنُه من ظاهرِه، وظاهرُه من باطنِه، فيقولُ: لِمَنْ هذا؟ فيقولُ: هو لكَ، فقال ÷: ولو ماتَ أحدٌ مِن أهلِ الجنةِ مِن الفرحِ لماتَ هو، فيريدُ أن يدخلَه، فيقولُ: أمامَكَ ما هو أحسنُ منه، فلا يزالُ يُمَرُّ به على قصورِ جنانِهِ وأنهارِه، حتى ينتهيَ به إلى غرفةٍ من ياقوتٍ أحمرَ وأخضرَ وأصفرَ وأبيضَ، في الغرفةِ سريرٌ، عرضُه فرسخٌ في طولِ ميلٍ، عليه من الفُرُشِ كقدرِ سبعينَ غرفةٍ، بعضُها فوقَ بعضٍ، فراشُه نورٌ، وسريرُه نورٌ، وعلى رأسِ وليِّ اللّهِ تاجٌ، لذلك التاجِ سبعونَ ركنًا، في كلِّ ركنٍ ياقوتةٌ تضيءُ مسيرةَ ثلاثةِ أيامٍ للراكبِ المتعبِ، ووجهُهُ مثلُ القمرِ ليلةِ البدرِ، عليه طوقٌ ووُشاحان، له نورٌ يتلألأُ، وفي يدِهِ ثلاثةُ أسورةٍ من فضةٍ وذهبٍ ولؤلؤٍ، وذلك قولُه تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} فيهتزُ السريرُ فرحًا وشوقًا إلى وليِّ اللّهِ، ويَتَّضِعُ له حتى يستويَ عليه، ثم يهتزُ في السماءِ، ثم أتاه قهرمانةُ بقضيبِ الملكِ، فجعلَ ينكُتُ فينظرُ إلى أساسِ بنيانِه، ويسترقه مخافةَ أن يذهبَ بصرُه (وذلك لطول القصر وارتفاعه»

  فبينا هو كذلك إذ أقبلتْ حوراءُ عيناءُ، معها سبعون جاريةً وسبعون غلامًا، وعليها سبعون حُلَّةً، يُرى مُخُّ ساقِها من وراءِ الحُلَلِ والحليِّ والجلدِ والعظمِ، كما يُرى الشرابُ الأحمرُ في الزجاجةِ البيضاءِ، وكما يرونَ السلكَ في الدرةِ الصافيةِ، قال: فلما عَايَنَها نَسِيَ كلَّ شيءٍ قبلَها، فتستوي معه على السريرِ، فيضربُ بيدِه إلى نحرِها، وإذا هو يقرأُ ما في كبدِها وإذا فيه مكتوبٌ «أنتَ حُبي وأنا حُبُّك، إليك اشتهتْ نفسي»، فذلك قولُه تعالى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} فيتنعَّمُ معها سبعين عامًا لا تنقطعُ شهوتُها ولا شهوتُه، فبيناهم كذلك إذ أقبلت الملائكةُ - وللغرفةِ سبعون ألفِ بابٍ، وعلى كلِّ بابٍ حاجبٌ - فتقولُ الملائكةُ: استأذنوا لنا على وليِّ اللّهِ. فتقولُ الحجابُ إنه ليتعاظمُنا أن نستأذنَ لكم عليه، إنه لمع أزواجه، فيقولون: لابد لنا، إنا رُسُلُ الجبارِ إليه. فيناجونه فيما بينهم - أي: ينادونه بصوتٍ خفيٍّ -