الخطبة الثانية
  وما عسى أن تحويَ دارٌ في داخلِها إذا كان خارجُها من الذهبِ والفضةِ فكيف بداخلِها.
  القصورُ عاليةٌ بُنيتْ من الذهبِ والفضةِ الخالصةِ التي يُرى ظاهرُها من باطنِها، ذهبٌ كالزجاجِ لشدةِ نقائه وصفائه.
  الأرضُ من حولِ القصرِ فُرِشَتْ بالمسكِ، ذلك الطِّيْبُ الذي عزَّ وجودُه على الملوكِ والأغنياءِ في الدنيا قد أصبحَ ترابًا في الجنةِ يداسُ تحتَ أقدامِ أولئكَ المؤمنينَ المستضعفينَ الفقراءَ المحتاجينَ جزاءً بما كانوا يعملون.
  الذين كانوا يعيشون في بيوتٍ من القشِّ وغرفٍ من الطينِ لا تقيهم من حرٍّ ولا بردٍ، أصبحوا اليوم مبوَّئين من الجنةِ غرفاً تجري من تحتِهمُ الأنهارُ.
  وصفَها النبيُّ ÷ بقولِه: «إن في الجنةِ غرفًا من أصنافِ الجوهرِ كلِّه يُرى ظاهرُها من باطِنِها، وباطنُها من ظاهرِها، وفيها من النعيمِ واللذاتِ والسرورِ ما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطرَ على قلبِ بشرٍ».
  وقد سُئلَ ÷ عن قولِه تعالى: {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ} فقالَ: «هي قصورٌ من اللؤلؤِ في كلِّ قصرٍ سبعون دارًا من ياقوتٍ أحمرَ في كلِّ دارٍ سبعون بيتًا من زمردٍ أخضرَ، في كلِّ بيتٍ سريرٌ على كلِّ سريرٍ سبعون فراشًا من كلِّ لونٍ على كلِّ فراشٍ زوجةٌ مِن الحورِ العينِ في كلِّ بيتٍ سبعون مائدةً على كلِّ مائدةٍ سبعون لونًا من الطعامِ، وفي كلِّ بيتٍ سبعون وصيفةً، ويُعطى المؤمنُ في كلِّ غداةٍ من القوةِ ما يأتي على ذلك كلِّه».
  عبادَ الله:
  هذا كلُّه للمؤمنِ الواحدِ واللهُ يضاعفُ لمن يشاءُ.
  عبادَ الله:
  إنها جنةُ الخلدِ فيها أنهارٌ من ماءٍ غيرِ آسنٍ وأنهارٌ من لبنٍ وأنهارٌ مِن خمرٍ وأنهارٌ مِن عسلٍ مُصفى.