سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 250 - الجزء 2

  لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ١٠ يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ١١ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ١٢ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ١٣ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ١٤ وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ١٥ وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ١٦ أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لَّا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ١٧ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}

  عباد الله:

  لقد شاءتْ حكمةُ اللهِ أن تجعلَ ابنَ آدمَ خليفةً في الأرضِ، أرادَ اللهُ أنْ يكونَ هذا الإنسانُ سيدًا للمخلوقاتِ، وأمينًا في هذهِ الأرضِ، ووصيًّا على هذا الكوكبِ وما فيهِ من الكائناتِ.

  جعلَ اللهُ ابنَ آدمَ خليفةً في أرضِهِ، واصطفاهُ مِن بينِ خلقِهِ ليحفظَ لهذا الكونِ حُرْمَتَهُ ويرعى أمورَ هذا الكوكبِ الأرضيِّ وأَمْنَهُ ويهتمَّ بصلاحِهِ واستقامةِ الحياةِ على ظهرِهِ، لا ليهدمَ ويفسدَ ويتجبرَ، بل ليقيمَ العدلَ وينشرَ في الأرضِ السلامَ، ويكونَ رسولَ خيرٍ ورحمةٍ لكلِّ الكائناتِ، ليحققَ مبدأَ العدالةِ والمساواةِ، ويقومَ بالقسطِ، وينشرَ الودَّ والسلامَ، حتى يسودَ الأرضَ الأمنُ والرخاءُ، وتملأَ عدلًا وقسطًا كما ملئتْ ظلمًا وجورًا، ويأمنَ الضعيفُ على حقِّهِ ونفسِهِ مِن بَطْشِ القويِّ، ويرتدعَ القويُّ عن ظلمِ الضعيفِ.

  يريدُ اللهُ من خلافةِ ابنِ آدمَ تحقيقَ مبدأِ العدالةِ لكي يسودَ في الأرضِ كما سادَ في السماءِ، وأنْ يستقيمَ الخلقُ على ما سَنَّهُ اللهُ وأرادَهُ كما أمَرَ اللهُ نبيَّهُ بقولِهِ: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ١١٢ وَلَا