الخطبة الأولى
  فسادٍ أو ظلمٍ، فيكونُ ذلك المجتمعُ أشبهَ ما يكونُ بقطعانٍ من الوحوشِ في الغابةِ (القويُّ يبطشُ بالضعيفِ، والكبيرُ يأكلُ الصغيرَ، والجامعُ بينهم هو الجهلُ، وعدمُ الوعي).
  عبادَ الله:
  العلمُ هو الذي يولِّدُ في الإنسانِ الوعيَ والشعورَ بالمسئوليةِ، ويُعَرِّفُ صاحبَهُ بقيمةِ الحياةِ والغايةِ من ورائِها، فكلما زادَ علمُ المرءِ زادَ وعيُهُ، وانعكسَ ذلك في سلوكِهِ ورجاحةِ عقلِهِ وكساهُ ذلك حُلَّةً السكينةِ والوقارِ، واستقامَ في نفسِهِ وانضبطَ في معاملاتِهِ واحترمَ الآخرينَ مِن أبناءِ جنسِهِ وأعطاهُم ما يستحقونَهُ مِن الحقوقِ والواجباتِ.
  فالعالمُ التقيُّ الواعي يتصرفُ عن عقلانيةٍ وبحكمةٍ وبصيرةٍ.
  والجاهلُ يكونُ أسيرَ نفسِهِ وعبدًا لشهواتِهِ ونزواتِهِ تُسَيِّرُهُ كما تشاءُ.
  وهذا ما لا يُريدُهُ اللهُ ولا يشاؤُه.
  {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ١٥ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.
  باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعَني وإياكُم بما فيهِ من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ إنه تعالى جوادٌ ملكٌ برٌّ رؤوفٌ رحيمٌ، فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.