سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 273 - الجزء 2

  صوتِهِ، ولا مواجهتَهُ والنظرَ إلى وجهِهِ، لقد كانوا له حصنًا ومنعةً يُقَدِّمون أنفسَهم بين يديهِ، ويبذلون كلَّ غالٍ ونفيسٍ فداءً له، وإنك لترى الواحدَ منهم يرضى بأن تزهقَ روحُهُ ويذهبَ مالُهُ وولدُهُ بدلًا من أن تصيبَ رسولَ اللهِ شوكةٌ، أحبُّوهُ حُبًّا خالطَ قلوبَهم واستحكمَ على أنفسِهم، فآثروهُ على أنفسِهم وقَدَّموه على أهلِيهم، قالَ تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} فلو أن أولاد القردة والخنازير وعباد الجبت والطاغوت عرفوا وفاءنا وإخلاصنا في حب رسولنا ورأوا تفانينا في موالاة سيدنا ونبينا ما تجاسروا أن يمسوا عرضه بسوء، ولما تجرئوا على هتك حرمته وكرامته، بل سيقفون جبناء أذلاء عند حرمات المسلمين ومقدساتهم، ولكنهم عرفوا ذلة أهل الإسلام وجبنهم فتطاولوا على سب دينهم وشتم نبيهم وتمادوا في غيهم وباطلهم ... فيا للحسرة والخزي للمسلمين وزعمائهم، وصدق رسول الله ÷ حين قال: «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم».

  فنسأل الله العلي الأعلى أن يبلغ روحه منا أفضل الصلوات وأزكى التحيات وأعظم البركات وأن يجعل ثواب قرباتنا وأحر صلواتنا هدية منا واصلة ورحمة من الله نازلة إلى روحه الطاهرة ومقامه الشريف، وأن يشفعه في أمته، ويجعلنا من أهل شفاعته.

  فيا عبد الله:

  قم بالصلاة على النبي فإنها ... هي نور قبرك عندما تأويه

  إن الصلاة على النبي وآله ... تنجي الفتى من بأسه وتقيه