سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 278 - الجزء 2

  أين كلُّ هذهِ الأوصافِ منكَ يا سيدَ الكونينِ يا علمَ الهدى؟

  البدرُ دونَكَ في حُسْنٍ وفي شَرَفٍ ... والبحرُ دونَكَ في خيرٍ وفي كرمِ

  جاءتْ لدعوتِكَ الأشجارُ ساجدةً ... تمشي إليكَ على ساقٍ بلا قَدَمِ

  أخوكَ عيسى دعا ميتًا فقامَ لَهُ ... وأنتَ أحييتَ أجيالًا مِن العدم

  {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ١٥ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}

  أما بعدُ:

  أحبابَ الحبيبِ محمدٍ ÷

  إننا في هذه الأيامِ نستقبلُ ذكرياتٍ عطرةً، لها تاريخُها المجيدُ، ومناسبةً غاليةً على القلوبِ خالدةً في الصدورِ، راسخةً في الأذهانِ، إنها ذكرى لها ميزتُها ونكهتُها العطرةُ، ومذاقُها الخاصُّ في نفسِ كلِّ مؤمنٍ، ولها ثقلُها في قلوبِ المسلمينَ قاطبةً، إنها ذكرى مولدِ الفجرِ الزاهرِ الذي شقَّ بفرقانِ رسالتِهِ غياهبَ الظلماتِ، إنها ذكرى مولدِ النورِ، الذي أضاءَ الخافقينَ، وأشرقتْ لمطلعِهِ أرجاءُ الكونِ.

  عَلَمٌ أضاءَ الدينَ والدُّنا معًا ... وزيحت بمولِدِهِ جميعُ الغياهِب

  إنها ذكرى المولدِ النبويِّ، ذكرى مولدِ سيدِ البشريةِ، وقائدِ الإنسانيةِ النبيِّ الخاتمِ لما سبقَ، والفاتحِ لما انغلقَ، نبيِّ الرحمةِ، وسراجِ الظلمةِ، محمدِ بنِ عبدِ اللهِ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ الطاهرين.

  وحُقَّ لنا أن نفخرَ ونباهيَ بهذا المولدِ الشريفِ أهلَ الدنيا قاطبةً، ونعلنَ الأفراحَ بهذه الذكرى المباركةِ، ولهذا الحدثِ العظيمِ، وأن نجعلَهُ أعظمَ عيدٍ في التاريخِ، وأسعدَ يومٍ في الوجودِ.

  إخوةَ الإيمانِ، إنَّ مولدَ رجلٍ عظيمٍ مثلِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ هو مِن أعظمِ وأجلِّ