سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 287 - الجزء 2

  ذهبيةٌ لنجددَ لهُ الولاءَ والطاعةَ، ونعلنَ لهُ الحبَّ والوفاءَ، ونقويَ روابطَنا بنبيئِنا، ونعمقَ أواصرَ الصلةِ بيننا وبينَهُ.

  إنَّ ذكرى مولدِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فرصةٌ سانحةٌ ومناسبةٌ مباركةٌ نستعيدُ فيها ذكرياتِ حياةٍ خالدةٍ لشخصيةٍ عظيمةٍ أشرقتْ لوجودِها أرجاءُ الكونِ.

  إنها حياةُ معلمِ الإنسانيةِ، وسيدِ الأولينَ والآخرينَ الذي تعدُّ حياتُهُ كلُّها عبرًا ودروسًا، وعظاتٍ وحكمًا نيراتٍ.

  إنَّ ذكرى مولدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فرصةٌ لأنْ نراجعَ تاريخًا حافلًا بالآياتِ والمعجزاتِ، مليئًا بالأحداثِ الخالدةِ، وأنْ نتعلمَ من سيرتِهِ العطرةِ ما نقوِّمُ به اعوجاجنا، ونصلحُ بهِ أخطاءَنا، وأن نربيَ أنفسَنا على ما ربَّاهُ عليهِ ربُّهُ ø، وأن نتأسى بهِ ونقفوَ أثرَهُ كما قالَ تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}.

  فحياةُ رسولِ اللهِ تُعدُّ كتابًا منظورًا نتعلمُ من خلالِها، ونقتبسُ من فضائلِها الخيرَ، ونتعلمُ مِن شمائلِهِ وحسنِ معاملاتِهِ وطيبِ أخلاقِهِ، فرسولُ اللهِ ÷ قد جاءَ ليؤدبَ الإنسانيةَ ويربيها ويهذبَها.

  جاءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ليصنعَ مِن أعرابِ الباديةِ رجالاً أقوياءَ، ونماذجَ فذةٍ فريدةٍ يتحلونَ بكلِّ خصالِ الخيرِ.

  جاءَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ليبنيَ أمةً كاملةَ المعالمِ في أخلاقِها ومعاملاتِها، شامخةً في سلوكِها، عزيزةً أبِيَّةً قويةً في دينِها، متماسكةً فيما بينِها.

  جاءَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ليصنعَ مِن هذا الكائنِ البشريِّ ملاكًا يسيرُ على وجهِ هذه الأرضِ في صفاتِهِ وأخلاقِهِ وعلوِّ همتِهِ.

  عبادَ الله:

  لقد كانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ نِعْمَ الأسوةُ، ونِعْمَ القدوةُ، وكان محلَّ ثقةِ الناسِ في الجاهليةِ والإسلامِ، وإليهِ امتدتِ الأنظارُ، وهَفَتِ القلوبُ.