سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 301 - الجزء 2

  إن أضعفَ الإيمانِ وأقلَّ الجهدِ المتوقعِ منا لمناصرةِ رسولِ اللهِ ÷ هو إقامةُ الأعيادِ والاحتفالاتِ والندواتِ والأمسياتِ الشعريةِ التي تشيدُ بتاريخِ الإسلامِ ورسولِ الإسلامِ، وتبرزُ فضائلَهُ وتنشرَ ما خفيَ على الأجيالِ من عظمتِهِ وكرامتِهِ، وحسنَ سيرتِهِ، وجميلَ صفاتِهِ وأخلاقِهِ، وتُعَرِّفَ العالمَ بذلك الرجلِ العظيمِ، والشخصيةِ الرساليةِ المثاليةِ التي سَمَتْ في سماءِ المجدِ وارتقتْ في عَلْياءِ العظمةِ واستحقتْ بكلِّ جَدَارَةٍ أن تسودَ العالمَ، وتتربعَ على عرشِ الكرامةِ والعزةِ والعظمةِ.

  فإذا لم نفعلْ ذلك فلا أقلَّ مِن السكوتِ واحتواءِ الصمتِ.

  ولا نحاولُ صدَّ الناسِ وتثبيطَهم عن الانتصارِ لرسولِ الأمةِ ومنقذِها والإشادةِ بذكرِهِ وتعريفِ الناسِ بفضائلِهِ.

  وإلا فما هو الفرقُ بينَ من ينالُ من كرامةِ الرسولِ وينكرُ فضائلَهُ وبين مَن يمنعُ من الاحتفالِ بمولدِهِ ويصدُّ عن ذكرِ فضائلِهِ، وينسبُ فاعلَها للبدعةِ والضلالِ، فإذا كان ذكرُ رسولِ اللهِ بدعةٌ، واجتماعُ الناسِ لسماعِ فضائلِهِ ضلالةٌ فما هو المسنونُ والمشروعُ في الدينِ؟ وهل بقيَ مِن فضيلةٍ وهدايةٍ يمكنُ أن يتخذَها العبدُ قربةًّ إلى اللهٍ.

  عبادَ الله:

  ما معنى الاحتفالِ بمولدِ الرسولِ؟

  إن الحفلَ الذي يقيمُهُ المؤمنونَ بمناسبةِ ذكرى المولدِ النبويِّ ليسَ إلا ندواتٍ ومحاضراتٍ تُذَكِّرُ بالرسولِ وتشيدُ بذكرِهِ، وتُعَرِّفُ المؤمنين بفضائلِهِ وما قَدَّمَهُ من أجلِ الإسلامِ، وليس هناك مِن عملٍ يدعو للتبديعِ والتشنيعِ على المنتصرينَ للهِ ولرسولِهِ.

  إن قومَ عيسى # سألوا اللهَ أن ينزلَ عليهم مائدةً مِن السماءِ فأنزلَها عليهم