الخطبة الأولى
  يا من خصَّ أحمدَ واصطفاه ... وأعطاه الرسالةَ والكتابا
  وقرَّبَهُ وسمَّاه حبيبًا ... وأعتقَ من شفاعتِهِ الرقابا
  لك الفضلُ المبينُ على عطاءٍ ... مَنَنْتَ به وضاعفتَ الثوابا
  بل وهناك مِن الدلائلِ ما يدعونا للاحتفالِ بميلادِ الرسولِ، وما يدعونا لنجعلَ من يومِ مولدِهِ عيدًا نفرحُ بِهِ ونعظمُهُ ونقدسُهُ؛ وذلك قولُ اللهِ: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، وشعائرُ اللهِ التي أمَرَنا تعالى بتعظيمِها هي كلُّ ما ذَكَّرَنا باللهِ وأشْعَرَنا بِهِ.
  وقد جعلَ تعالى الهديَ مِن الإبلِ والأنعامَ مِن تلكَ الشعائرِ الواجبِ تعظيمِها فقالَ تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}.
  فإذا كان لهذه الحيواناتِ قيمةٌ وفضيلةٌ استحقتْ أن تَنال هذه الكرامة، وأن تحظى بهذه المكانة أفلا يكونُ لرسولِ اللهِ مِن المكانةِ ما يستحقُّ بها أن يُعَظَّمَ وأن يُجْعَلَ مِن وجودِهِ يومَ عيدٍ؟
  ألم يكن رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ من أعظمِ الشعائرِ الْمُذَكِّرَةِ باللهِ والتي تُشْعِرُنا بعظمتِهِ تعالى.
  إذن أليس في احتفالِنا بيومِ مولدِهِ واحتفالِنا بذكرى مَقْدَمِهِ تعظيمٌ لشعائرِ اللهِ.
  ألا نستحقُّ أن ندخلَ تحتَ ظلالِ تلك الآيةِ وننعمَ بالتقوى الموعودِ لتلك القلوبِ التي ملئت بعظمةِ تلك الشعيرةِ.
  إننا نحتفلُ شرعًا بلا خلافٍ بالأعراسِ؛ وذلك لكونِنا بالزواجِ قد أكملنا الشطرَ الثاني والجزءَ الناقصَ من دينِنا، وتَحَصَّنَّا بالعفةِ والزواجِ.
  وليس الزواجُ إلا شعيرةً من شعائرِ الدينِ التي كان رسولُ اللهِ هو المؤسسُ لقواعدِها.
  فيا عجباً ممن يبيحُ صغائرَ الأمورِ ويُعْلِي شأنَها ويستخفُّ بما علا مِن جلائلِ