سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 305 - الجزء 2

  النعمِ وعظائمِها، والتي رأسُ سنامِها مولدُ ذلك النبيِّ العظيمِ الذي مَهَّدَ عرشَ الإسلامِ، ومَهَّدَ لتلك الأمةِ طريقَ العزةِ والكرامةِ، وبنى لها مجداً شامخَ البنيانِ عاليَ المقامِ.

  عبادَ الله:

  إن المتتبعَ لبعضِ سلوكياتِ من يدَّعون الانتماءَ للإسلامِ والاتباعِ لرسولِ الإسلامِ ليرى أمرًا عجبًا من بعضِ التصرفاتِ حيثُ يجدُ أن هناك شبهَ مؤامرةٍ تُحَاكُ ضِدَّ رسولِ اللهِ، وتدعو لِمَا يبعدُ الناسَ عنه ويصرِفُهُم عن التعلقِ بِهِ.

  ليس الأمرُ مقتصرًا على منعِ الناسِ من الاحتفالِ وصدِّ الناسِ عن حضورِ ندواتِ المولدِ النبويِّ فحسبْ، بل هناك أمورٌ أخرى يلمسُ واقعَ حالِها مَن ذَهَبَ لزيارةِ المرقدِ الشريفِ والأماكنِ المقدسةِ في الحرمينِ الشريفينِ.

  بحيث يرى الكمَّ الهائلَ من الأشرطةِ والكتيباتِ والنشراتِ والمرشدينَ والواعظينَ وكلُّهم يمنعُ ويحذرُ القاصدينَ للمدينةِ المنورةِ من نيةِ الزيارةِ لقبرِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ القائلِ فيما رواه أبو طالب: «مَن زارني بعدَ موتي فكأنما زارني في حياتي»، بل يعتبرونَ كلَّ مَن ذهبَ إلى المدينةِ بنيةِ زيارةِ الرسولِ صاحبَ بدعةٍ وضلالٍ يأثمُ بهِ الزائرُ، ولا يؤجرُ، وإنما الزيارةُ تكونُ للمسجدِ فقط.

  سبحانَ اللهِ، وهل شَرُفَ المسجدُ إلا برسولِ اللهِ؟ بل وهل شَرُفَتِ المدينةُ إلا بمَقْدَمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

  فما الذي يعني مثلُ هذا؟ يقولون: لا يجوزُ أن تذهبَ إلى المدينةِ عاقدًا العزمَ على زيارةِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فيكونَ سفرُك سفرَ معصيةٍ لا طاعةٍ؟

  ثم ماذا؟ إنهم لم يكتفوا بهذا؟ بل ترى في المسجدِ النبويِّ حالَ وصولِك وتحديدًا حولَ قبرِ رسولِ اللهِ من يمنعُك من الزيارةِ، ويأمُرُك حالَ الزيارةِ بأن تُلقي للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ظهرَك، وأن تستقبلَهُ بقفاك وتولِيهِ دبرَكَ، ولا تزيد على مجردِ