الخطبة الأولى
  تتبعثرُ على جنباتِها الحمامُ، وتتمرغُ بين ترابِها باحثةً عن بقايا حبوبٍ يرميها الزائرُ على تلك الأرضِ.
  فيخالُ للزائرُ أنه يتجولُ في حديقةِ طيورٍ يتمتعُ بالنظرِ إلى تسابقِها وتدافعِها نحو ما يُلقى إليها من الحَبِّ لتلتقطَهُ بمناقيرِها.
  عجبًا لهذه التصرفاتِ كيف نجدُ ونسمعُ كلَّ يومٍ أخبارَ التنقيبِ الجاري على قدمٍ وساقٍ تحت المسجدِ الأقصى وحواليه بحثًا عن هيكلِ سليمانَ الذي يدعيه اليهودُ؟ بينما نرى من يهدمُ حضارتَهُ بيده، ويبيدُها ويحاولُ طَمْسَها.
  ما الذي يعنيه أن نحرصَ على اقتناءِ مخلفاتِ أشخاصٍ لا ينتمون للإسلامِ، ونحتفظَ بصورِهم ومدخراتِهم من أسلحةٍ وثيابٍ وغيرها من الحليِّ والكسوةِ، كالفراعنةِ والأكاسرةِ والسبئيين وغيرِهم.
  ونطمسَ ما خلفَهُ لنا رسولُ اللهِ، وما بقيَ من تراثِهِ الخالدِ المجيدِ {بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ ٨ أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ} أقولُ ما تسمعون وأستغفرُ اللهَ العظيمَ من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.