سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 310 - الجزء 2

الخطبة الثانية

  حول شرعية الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف

  

  الحمدُ للهِ وسلامٌ على عبادِهِ الذينَ اصطفى، ومن يطعِ اللهَ ورسولَهُ فقد فازَ فوزاً عظيماً.

  والحمدُ للهِ الذي مَنَّ علينا بنبيِّه محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ دونَ الأممِ الماضيةِ والقرونِ السالفةِ، اللهم فصلِّ على محمدٍ أمينِكَ على وحيِكَ، ونجيِّكَ من خلقِكَ، وصفيِّكَ من عبادِكَ، إمامِ الرحمةِ وقائدِ الخيرِ، ومفتاحِ البركةِ، كما نصبَ لأمرِكَ نفسَهُ، وعَرَّضَ فيكَ للمكروهِ بدنَهُ.

  وأشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ربُّ الأربابِ، ومالكُ الرقابِ، ومسببِ الأسبابِ، سبحانَهُ العزيزُ الوهابُ.

  وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ الداعي إلى سبيلِ السلامةِ والثوابِ، والصلاةُ والسلامُ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما جعلَ الصلاةَ والسلامَ عليه وعلى آله نجاحاً للآمالِ، ومفتاحاً للدعاءِ المستجابِ.

  وبعدُ:

  أيُّها المؤمنون:

  لقد خلَّفَتْ لنا الحضارةُ الإسلاميةُ أعظمَ ميراثٍ من التراثِ الزاخرِ بالعبرِ، والذي يفوحُ بعبقِ الذكرياتِ الخالدةِ التي رُسِمَتْ بأحرفٍ من نورٍ تسجلُ تاريخًا مجيدًا على أسوارِ الحصونِ والقلاعِ الشامخةِ وفي أروقَةِ القصورِ، وبين أزقةِ المدنِ، وفي السراديبِ المظلمةِ والخنادقِ المحصنةِ، وفي سفوحِ الجبالِ، وعلى قممِ التلالِ، وبين الأنهارِ، وبين أمواجِ البحارِ وفي الصحاري القاحلةِ والرمالِ الناعمةِ.

  لقد سجلَ التاريخُ الإسلاميُّ أروعَ الملاحمِ، وضربَ أروعَ المثلِ في التضحيةِ