الخطبة الثانية
  وأحدٍ، وفي غارِ حراءٍ وغير ذلك من الأماكنِ التي لها ذكرياتُها الخالدةُ في النفوسِ.
  ولكن وللأسفِ سبقَ السيفُ العذلَ، ووقعَ المحظورُ، وإلا فكيف نفسرُ فعلَ أقوامٍ يمحون ما بقيَ من آثارِ أعظمِ رسالةٍ ودينٍ عرفتْهُ البشريةُ، ثم يسعون جاهدين في التنقيبِ والبحثِ عن حضاراتٍ غابرةٍ جاهدين في الحصولِ على بعضِ معلوماتٍ أو العثورِ على بقايا آثارٍ أو أصنامٍ أو نحو ذلك، وينفقون على كلِّ ذلك الأموالَ والمبالغَ الباهظةَ من أجلِ العنايةِ بها وترميمِها، والحفاظِ على مقتنياتِها، والإبقاءِ على أشكالِها بدونِ تغييرٍ أو تطويرٍ.
  ومن ثَمَّ يخصصون لما تبقى من آثارٍ وقطعٍ أثريةٍ المتاحفَ والأماكنَ الملائمةَ للحفاظِ عليها وصيانتِها.
  بينما يدوسون في الوقتِ ذاتِهِ ما بقيَ من آثارِ الحضارةِ الإسلاميةِ الساميةِ، ويضربون بيدٍ من حديدٍ كلَّ يدٍ تحاولُ أن تمجدَ تاريخَ الإسلامِ أو تحتفظَ بقلامةِ ظفرٍ تتصلُ بتلكَ الحقبةِ الزمنيةِ الخالدةِ والزمنِ المشرقِ بعبقِ الرسالةِ، حتى القبورُ والقصورُ والمساجدُ والمخطوطاتُ لم تسلمْ هي أيضًا من أيدي العابثين وشطحاتِ المفسدين الذي يهدمون الإسلامَ بمعاولِ أعداءِ الدينِ.
  {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}
  في حين ترى أن اليهودَ اليومَ يسعونَ جاهدين في البحثِ عما يوصلُهم إلى ما به يوثقون علاقتهم بديانتِهم ومنهجِهم.
  تراهم اليوم يُنقِّبون عن هيكلِ سليمانَ، بينما تراهم من جانبٍ آخرَ يهدمون كلَّ ما يتصلُ بالإسلامِ ويغيرون كلَّ أسماءِ البلدانِ والمناطقِ الإسلاميةِ بأسماءَ يهوديةٍ جديدةٍ كحائطِ البراقِ سموه بحائط المبكى ونحوِ ذلك كثير.