سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 361 - الجزء 2

  نظرَتْ إليَّ وقالت لي: أما تستحي مِن اللهِ وأنتَ تنظرُ إلى بناتِ رسولِ اللهِ، فقلتُ لها: يا بنيةُ، واللهِ ما نظرتُ إليكم نظرةً أستوجبُ بها التوبيخُ.

  فقالت: من أنت؟ قلت: أنا سهلُ الشهروزي قد كنتُ في زيارةِ جدِّك رسولِ اللهِ ÷، فهل لك من حاجةٍ؟

  فقالت: إن كان معك شيءٌ من الدراهمِ فأعطِهِ حاملَ رأسِ الحسينِ، وقل له أن يتقدمَ برأسِ أبي الحسينِ أمامَنا حتى تشتغلَ الأنظارُ إليه عَنَّا، فقد خزينا من نظرةِ الناسِ إلينا.

  قال سهل: فأعطيتُ حاملَ الرأسِ كثيرًا من الدراهمِ، فتقدمَ به وسارَ به في أزقةِ دمشقٍ.

  باعوا دينَهم بعرضٍ من الدنيا زهيدٍ فخسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسرانُ المبينُ {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ}، ثم إن يزيدَ وضعَ الرأسَ بين يديه و أظهرَ ما كان يخفيه بين جنبيه من الكفرِ والنفاقِ، وأفصحَ عما يكنه من البغضِ لآلِ محمدٍ الأطهارِ وللنبيِّ المختارِ.

  وقال شعراً فيه يتفاخرُ بأنه قد انتقمَ لآبائِهِ - من محمد وآله - الذين قتلَهم في بدرٍ وأحدٍ حيثُ قالَ:

  ليت أشياخي ببدرٍ شَهِدُوا ... جزعَ الخزرجِ مِن وَقْعِ الأَسَلْ

  لأهلُّوا واستحلُّوا فرحًا ... ثم قالوا: يا يزيدُ لا تُشلْ

  لستُ من عتبةَ إن لم انتقمْ ... من بني أحمدَ ما كان فَعَلْ

  قد قتلنا القرمَ من أشياخِهم ... وعدلنا ميلَ بدرٍ فاعتدلْ

  ثم ختم هذه الأبيات ببيتٍ من الشعرٍ فيه رِدَّةٌ عن الإسلامِ وإنكارٌ للوحي