الخطبة الأولى
  من قام في ذات الإله مجاهدًا ... ولحصد أعداء الإله مشمرا
  وحق لنا أن نفخرَ أن يكونَ إمامُنا حفيدُ رسولِ اللهِ، من خيرِ شجرةٍ، وأشرفِ نسلٍ، وأطهرِ سلالةٍ، وأكرمِ أرومةٍ، أعلمَ الناسِ بكتابِ اللهِ، وأعلاهم فضلًا، وأكرمَهم نفسًا، وأفصحَهم لسانًا.
  أبوه سيدُ الساجدين، وجدُّهُ سبطُ رسولِ اللهِ، وابنُ فاطمةَ الزهراء، القائلُ فيهم عزَّ مِن قائلٍ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}
  فكلُّنا نثقُ أننا على الحقِّ والصراطِ السويِّ وفي الطريقِ المستقيمِ، كيف لا ورسولُ اللهِ الذي أوصى بهم، وأمرَ باتباعِهم، فقالَ: «إني تاركٌ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً: كتابَ اللهِ وعترتي أهلَ بيتي، إن اللطيفَ الخبيرَ نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوضَ»، فأهلُ البيتِ هم وصيةُ رسولِ اللهِ وعلى رأسِهم إمامُ الأئمةِ زيدُ بنُ عليٍّ #، وليس هذا مِنَّا تعصباً لأنفسِنا أو تحيزاً مع إمامِنا بلا دليلٍ، بل لقد شهدتْ علماءُ الأمةِ، وأجمعَ كبراءُ الأئمةِ من المخالفين والموالفين على فضلِ الإمامِ زيدٍ وغزارةِ علمِهِ، حتى ذاعَ صيتُهُ في الآفاقِ، وشُدَّتْ إليه الرحالُ.
  لما رأيت الناس قد أضحوا على ... جرف من الدين الملفق هارِ
  تابعت آل محمد متيقنًا ... أن اتباعهم مراد الباري
  وقفوت نهجَ أبي الحسين ميممًا ... منه سبيلا واضح الأنوار
  قالَ عنه أبو حنيفةَ، أحدُ الفقهاءِ الأربعةِ وإمامُ مذهبِ الحنفيةِ: (شاهدتُ زيدَ بنَ عليٍّ كما شاهدتُ أهلَهُ فما رأيتُ في زمانِهِ أفقهَ منه، ولا أعلمَ، ولا أسرعَ جوابًا، وكان منقطعَ النظير).