الخطبة الثانية
  المنكراتِ، وشربوا المسكراتِ، وأقاموا السمراتِ على آلاتِ اللهوِ والغناءِ والرقصِ والخلاعاتِ.
  واستحلوا المحارمَ، فلبسوا الحريرَ، وتحلوا بالذهبِ، والناس عرايا جوعى يقتاتون الفتاتَ، ومع ذلك يزعمون زورًا أنهم خلفاءُ اللهِ في أرضِهِ والقائمين بأمرِهِ.
  يفترون على اللهِ الكذبَ قاتلَهم اللهُ أنى يؤفكون.
  كيف وهم الذين لم يرقبوا في المسلمين إلّاً ولا ذمةً، ولم يدعوا محرمًا إلا هتكوه، ولا منكرًا إلا ارتكبوه، استباحوا دمَ الحسينِ فذبحوه، وهتكوا حرمةَ البيتِ الحرامِ فهدموا الكعبةَ وأحرقوها بقيادةِ الحجاجِ.
  واستباحَ يزيدُ المدينةَ المنورةَ لجيشِهِ ثلاثةَ أيامٍ بقيادةِ مسلمِ بنِ عقبةَ فقتلوا رجالَها ألفًا وسبعَ مائةٍ من أبناءِ المهاجرين والأنصارِ، وعشرةَ آلافٍ من سائرِ الناس، وأفتضوا أكثرَ من ألفِ عذراءَ من بناتِ المهاجرين والأنصارِ، وجبروا الناس على بيعةِ يزيدَ بالعبوديةِ على أنهم عبيدٌ له يتصرفُ فيهم كيفما شاءَ.
  فهذه هي كراماتُ بني أميةَ، وهذه هي الفتوحاتُ الإسلاميةُ التي يدعونها ويتغنون بها، وهذه هي بعضُ نماذجَ من تاريخِ بني أميةَ وولاتِهم الذين ينقضون عهدَ اللهِ من بعدِ ميثاقِهِ، ويقطعون ما أمرَ اللهُ به أن يوصلَ ويفسدونَ في الأرضِ، أولئك هم الخاسرون.
  فقل لبني أمية حيث حلوا ... وإن خفت المهند والنجيعا
  أجاع الله من أشبعتموه ... وأشبع من بظلمكم أجيعا
  أيُّ دينٍ ينتمي إليه أمثالُ هؤلاء؟ وأيُّ شريعةٍ يتبعون؟
  فالعجيبُ أن تسمعَ في هذا الزمانِ من يترحمُ عليهم ويدافعُ عنهم ويواليهم.
  بأيِّ فضيلةٍ نمدحُهم؟ وأي خيرٍ قدموه للإسلامِ وأهلِهِ غيرَ الهدمِ والظلمِ، وتجويعِ الضعفاءِ والمحرومين، لا سيما أهلَ البيتِ الذين أذاقوهم الأمرَّين، وحرصوا على إبادتِهم وإهانتِهم، وأمعنوا في مضايقتِهم ومطاردتِهم فأنزلَ يزيد